كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 15)

قرئ {النَّشْأَةَ} و (النشاءة) بالمد. وقال: {عَلَيْهِ} لأنها واجبة عليه في الحكمة، ليجازي على الإحسان والإساءة.
{وأَقْنَى} وأعطى القنية وهي المال الذي تأثلته، وعزمت أن لا نخرجه من يدك.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: {النَّشْأَةَ} و"النشاءة" بالمد) ابن كثير وأبو عمرو والباقون بالقصر.
قوله: (وقال: {عَلَيْهِ} لأنها واجبة في الحكمة)، وعند أهل السنة كالواجبة بحسب الوعد. الانتصاف: معنى {عَلَيْهِ} ههنا: أن أمر النشأة الثانية تدور على قدرته تعالى وإرادته، تقول: دارت قضية فلان على يدي، أي: أنا المشيد بها، ويقول المحدثون: هذا الحديث يدور على فلان.
قوله: (تأثلته) أي: اتخذته أصلًا. الراغب: الغنى: يقال على ضربين؛ أحدهما ارتفاع الحاجات، وليس ذلك إلا لله عز وجل، كقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} [فاطر: 15] والثاني: قلة الحاجات كقوله تعالى: {وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى} [الضحى: 8] ومنه الحديث: "الغنى عنى النفس"، والثالث: كثرة القنيات بحسب ضروب الناس، قال تعالى: {يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ} [البقرة: 273] أي: لهم غنى النفس ويحسبهم الجاهل أن لهم القنيات لما فيهم من التعفف والتلطف، وهذا المعنى هو المعني بقول الشاعر:
قد يكثر المال والإنسان مفتقر

الصفحة 108