كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 15)

{الشِّعْرَى} مرزم الجوزاء: وهي التي تطلع وراءها، وتسمى كلب الجبار، وهما
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يقال: أغنى عنه كذا، إذا كفاه، قال تعالى: {مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ} [المسد: 2] والغانية: المستغنية بزوجها عن الزينة، وقيل: المستغنية بحسنها عن التزين، وغنى في مكان كذا، إذا طال مقامه فيه مستغنيًا به عن غيره، يقال: يغني وغنى أغنية وغناء وتغنى، وقيل: تغنى بمعنى استغنى، وحمل الحديث: "من لم يتغن بالقرآن" على ذلك.
قوله: (مرزم الجوزاء) قال ابن قتيبة في "كتاب الأنواء": يد الجوزاء: كوكبان أزهران في أحدهما حمرة، والآخر، هو مرزم الجوزاء، وبحيال يديها كوكبان نورهما نحو نور اليدين، وقال أبو زيد:
لما استتمت إلى جوزاء أكرعها
يريد رجليها.
وفيها الشعرى العبور، ومزرم الشعرى، وهي التي ذكرها الله عز وجل في كتابه {وأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى}، فإن قومًا عبدوها وفتنوا بها. وكان أبو كبشة الذي كان المشركون ينسبون رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه أول من عبدها، وقال: قطعت السماء عرضًا ولم يقطعها غيرها، وخالف قريشًا، فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم ودعاهم إلى عبادة الله عز وجل، وترك أوثانهم سموه به، أي: هو شبهه، ومثله في الخلاف، وشعريان: أحدهما التي ذكرت في الجوزاء، وهي التي تسمى بالعبور، والشعرى الأخرى، هي الغميصاء من الذراع المبسوطة في نجوم الأسد، لا في الجوزاء، وزعم العرب أن سهيلًا والشعريين كانت مجتمعة، فانحدر سهيل نحو اليمين، وتبعه العبور، فعبرت المجرة، وأقامت الغميصاء فبكت لفقد سهيل فغمصت عينها فهي أقل نورًا من العبور، والغمص مثل الرمص، والشعرى العبور: نجم كبير يزهر.

الصفحة 109