كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 15)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الإنصاف: ويفسده من حيث المعنى أن طلب قيام جميع الليل غير مستثنى عنه وقت الهجوع، ولم يرد به الشرع، وقال الزجاج: المعنى: كانوا يهجعون قليلًا من الليل، أي: ينامون قليلًا منه، وجائز أن تكون "ما" مؤكدة لغوًا، وجائز أن تكون مع ما بعدها مصدرًا، المعنى: قليلًا من الليل هجوعهم.
وقال أبو البقاء: {كَانُوا قَلِيلًا} في خبر "كان" وجهان: أحدهما: {مَا يَهْجَعُونَ}، وفي {مَا} على هذا وجهان. أحدهما: هي زائدة، أي كانوا يهجعون قليلًا، و {قَلِيلًا}: نعت لظرف أو مصدر، أي: زمنًا قليلًا، أو هجوعهم قليلًا، والثاني: "ما" نافية، ذكره بعض النحويين، ورد لأن النفي لا يتقدم عليه ما في حيزه، والثاني: أن {قَلِيلًا} خبر "كان"، و {مَا} مصدرية، أي: كانو قليلًا هجوعهم، كما نقول: كانوا يقل هجوعهم، ويجوز على هذا أن يكون {مَا يَهْجَعُونَ} بدلًا من اسم كان بدل الاشتمال، و {مِّنَ اللَّيْلِ} لا يجوز أن يتعلق بـ {يَهْجَعُونَ} على هذا لما فيه من تقديم معمول المصدر عليه، وإنما هو منصوب على التبيين ومتعلق بفعل محذوف يفسره {يَهْجَعُونَ}. وقال بعضهم: تم الكلام عند قوله {قَلِيلًا}، ثم استأنف فقال: {مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ}، وفيه بعد لأنك إن جعلت {مَا} نافية فسد لما ذكرنا، وإن جعلتها مصدرية لم يكن فيه مدح لأن الناس يهجعون في الليل.
الانتصاف: قال الزمخشري: وفي الآية مبالغات، لفظ الهجوع وهو القليل من النوم، وقوله: {قَلِيلًا}، وقوله: {مِّنَ اللَّيْلِ}، ومنها زيادة "ما" المؤكدة في بعض الوجوه، وفي الأخير نظر، فإن "ما"

الصفحة 15