كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 15)

{فَأَوْجَسَ} فأضمر. وإنما خافهم لأنهم لم يتحرموا بطعامه فظن أنهم يريدون به سوءًا. وعن ابن عباس: وقع في نفسه أنهم ملائكة أرسلوا للعذاب. وعن عون بن شداد: مسح جبريل العجل بجناحه فقام يدرج حتى لحق بأمه.
{بِغُلامٍ عَلِيمٍ} أي يبلغ ويعلم. وعن الحسن، عليم: نبي، والمبشر به إسحاق، وهو أكثر الأقاويل وأصحها؛ لأن الصفة صفة سارة لا هاجر، وهي امرأة إبراهيم وهو بعلها. وعن مجاهد: هو إسماعيل.
{فِي صَرَّةٍ} في صيحة، من: صر الجندب، وصر القلم والباب، ومحله النصب على الحال، أي: فجاءت صارة. قال الحسن: أقبلت إلى بيتها وكانت في زاوية تنظر إليهم، لأنها وجدت حرارة الدم فلطمت وجهها من الحياء، وقيل: فأخذت في صرة، كما تقول: أقبل يشتمني. وقيل: صرتها قولها: أوه! وقيل: يا ويلتا! وعن عكرمة: رنتها.
{فَصَكَّتْ} فلطمت ببسط يديها. وقيل: فضربت بأطراف أصابعها جبهتها؛ فعل المتعجب.
{عَجُوزٌ} أنا عجوز، فكيف ألد؟ !
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (لم يتحرموا بطعامه) أي: لم يدخلوا في حرمة بأكل طعامه، الأساس: تحرم فلان بفلان، إذا عاشره ومالحه، وتأكدت الحرمة بينهما، وتحرمت بطعامك، ومجالستك، أي: حرم عليك مني بسببها ما كان لك أخذه.
قوله: (فقام يدرج) الأساس درج الشيخ والصبي درجانًا، وهو مشيهما.
قوله: (الجندب) الجوهري: الجندب: ضرب من الجراد.
قوله: (وجدت حرارة الدم) قال صاحب "المطلع": أي دم الحيض، كما قال تعالى: {فَضَحِكَتْ}.

الصفحة 25