كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 15)

{كَذَلِكِ} مثل ذلك الذي قلنا وأخبرنا به، {قَالَ رَبُّكِ} أي إنما نخبرك عن الله، والله قادر على ما تستبعدين. وروي أن جبريل قال لها: انظري إلى سقف بيتك، فنظرت فإذا جذوعه مورقة مثمرة.
[{قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا المُرْسَلُونَ * قَالُوا إنَّا أُرْسِلْنَا إلَى قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ * لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن طِينٍ * مُسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ * فَأَخْرَجْنَا مَن كَانَ فِيهَا مِنَ المُؤْمِنِينَ * فَمَا وجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِّنَ المُسْلِمِينَ * وتَرَكْنَا فِيهَا آيَةً لِّلَّذِينَ يَخَافُونَ العَذَابَ الأَلِيمَ} 31 - 37]
لما علم أنهم ملائكة، وأنهم لا ينزلون إلا بإذن الله رسلًا في بعض الأمور {قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ} أي: فما شأنكم وما طلبكم؟
{إلَى قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ} إلى قوم لوط.
{حِجَارَةً مِّن طِينٍ} يريد: السجيل، وهو طين طبخ كما يطبخ الآجر، حتى صار في صلابة الحجارة، {مُسَوَّمَةً} معلمة، من السومة، وهي العلامة على كل واحد منها اسم من يهلك به. وقيل: أعلمت بأنها من حجارة العذاب. وقيل: بعلامة تدل على أنها ليست من حجارة الدنيا. سماهم مسرفين، كما سماهم عادين، لإسرافهم وعدوانهم في عملهم: حيث لم يقنعوا بما أبيح لهم.
الضمير في {فِيهَا} للقرية، ولم يجر لها ذكر لكونها معلومة. وفيه دليل على أن الإيمان والإسلام واحد، وأنهما صفتا مدح.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وفيه دليل على أن الإيمان والإسلام واحد) قال القاضي: وهو ضعيف، لأن ذلك لا يقتضي إلا صدق المؤمن والمسلم على من اتبعه، وذلك لا يقضي اتحاد مفهوميهما لجواز صدق المفهومات المختلفة على ذات واحدة.

الصفحة 26