كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 15)

{بِأَيْدٍ} بقوة. والأيد والآد. القوة. وقد آد يئيد وهو أيد.
{وإنَّا لَمُوسِعُونَ}: لقادرون؛ من الوسع: وهو الطاقة. والموسع: القوي على الإنفاق.
وعن الحسن: لموسعون الرزق بالمطر. وقيل: جعلنا بينها وبين الأرض سعة {فَنِعْمَ المَاهِدُونَ} فنعم الماهدون نحن.
[{ومِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} 49]
{ومِن كُلِّ شَيْءٍ} أي من كل شيء من الحيوان {خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ} ذكرًا وأنثى. وعن الحسن: السماء والأرض، والليل والنهار،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: ({وإنَّا لَمُوسِعُونَ}: لقادرون؛ من الوسع) اعتبر الوسع في القدرة والجود والمكان.
الراغب: ويستعمل في الأمكنة، وفي الحال وفي الفعل، كالقدرة والجود ونحو ذلك، ففي المكان قوله تعال: {إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ} [العنكبوت: 56] وفي الحال قوله تعالى: {لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ} [الطلاق: 7] و {عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ} [البقرة: 236]، والوسع من القدرة ما يفضل عن قدر المكلف، قال تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: 286] تنبيهًا على أنه يكلف عبده دوين ما ينوء به المكلف قدرته، وأما قوله تعالى: {وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 247]، {وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا} [النساء: 130] فعبارة عن سعة علمه وقدرته. وقوله: {وإنَّا لَمُوسِعُونَ} فإشارة إلى نحو قوله: {الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} [طه: 50].
وقلت: أراد أن قوله تعالى: {وإنَّا لَمُوسِعُونَ} تكميل لمعنى قوله: {والسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ} إن فسر الأيد بالقوة، ليضم مع صفة القدرة، صفة الكرم، أو تتميم إن فسر بالإنعام، كما فرع قوله: {ثُمَّ هَدَى} على قوله: {أَعْطَى}، ألا ترى إلى قرينتها: {والأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ المَاهِدُونَ}

الصفحة 31