كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 15)

والشمس والقمر، والبر والبحر، والموت والحياة؛ فعدد أشياء وقال: كا اثنين منها زوج، والله تعالى فرد لا مثل له.
{لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} أي فعلنا ذلك كله من بناء السماء، وفرش الأرض، وخلق الأزواج إرادة أن تتذكروا فتعرفوا الخالق وتعبدوه.
[{فَفِرُّوا إلَى اللَّهِ إنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ * ولا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إلَهًا آخَرَ إنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ} 50 - 51]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كيف فرع {المَاهِدُونَ} على {فَرَشْنَاهَا} مزيدًا لإرادة الامتنان، فالمناسب إذن تفسير الحسن: لموسعون الرزق بالمطر، كقوله تعالى: {وفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ ومَا تُوعَدُونَ}.
قوله: (كل اثنين منها زوج والله تعالى فرد) قال أبو سعيد الخراز: أظهر معنى الربوبية والوحدانية، بأن خلق الأزواج لتخلص له الفردانية.
الراغب: يقال لكل من القرينتين من الذكر والأنثى في الحيوانات المتزاوجة: زوج، ولكل قرينتين فيها وفي غيرها: زوج، كالخف والنعل، ولكل ما يقرن بآخر مماثلًا له أو مضادًا: زوج، قال تعالى: {وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ} [طه: 131] أي أشباهًا وأقرانًا. وقوله تعالى: {ومِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ} تنبيه على أن كل ما في العالم، فإنه زوج من حيث أن له ضدًا ما، أو مثلًا ما، أو تركيبًا ما، بل لا ينفك بوجه من تركيب، وإنما قال: {زَوْجَيْنِ} ليؤذن بأن الشيء وإن لم يكن له ضد ولا مثل فإنه لا ينفك من تركيب، وذلك زوجان،

الصفحة 32