كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 15)

ويجوز أن يكون مثله في قوله:
هنيئًا مريئًا غير داء مخامر .... لعزة من أعراضنا ما استحلت
أعني: صفة استعملت استعمال المصدر القائم مقام الفعل، مرتفعًا به ما استحلت كما يرتفع بالفعل، كأنه قيل: هنأ عزة المستحل من أعراضنا، وكذلك معنى {هَنِيئًا} هاهنا: هنأكم الأكل والشرب. أو هنأكم ما كنتم تعلمون؛ أي: جزاء ما كنتم تعلمون. والباء مزيدة كما في {كَفَى بِاللهِ} [الرعد: 43] والباء متعلقة بـ {كُلُوا واشْرَبُوا} إذا جعلت الفاعل الأكل والشرب. وقرئ: (بعيس عين).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ويجوز أن يكون مثله)، أي: لا يكون {هَنِيئًا} صفة مصدر محذوف، بل يكون من المصادر التي حذف عاملها، وأقيمت مقامه، وفاعله الأكل، أو {بِمَا كُنتُمْ}، على أن الباء زائدة كما في البيت، لأن "ما استحلت" فال "هنيئًا مريئًا"، والهنيء والمريء صفتان من هنؤ الطعام ومرؤ، إذا كان سائغًا لا تنغص فيه.
وقال أبو البقاء في قوله تعالى: {فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} [النساء: 4]: مصدر جاء على "فعيل"، وهو نعت لمصدر محذوف، أي: أكلًا هنيئًا، وقيل: هو مصدر في موضع الحال من الهاء في {فَكُلُوهُ}، أي: مهنأ.
قوله: (والباء متعلقة بـ {كُلُوا واشْرَبُوا}، أي: هناكم الأكل والشرب بسبب عملكم.
قوله: (وقرئ: "بعيس عين")، قال ابن جني: وهي قراءة عبد الله وإبراهيم، المرأة العيساء: البيضاء، ومثله: جمل أعيس، وناقة عيساء.

الصفحة 48