كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 15)

{ومَا أَلَتْنَاهُم} وما نقصناهم. يعني: وفرنا عليهم جميع ما ذكرنا من الثواب والتفضل، وما نقصناهم من ثواب عملهم من شيء. وقيل معناه: وما نقصناهم من ثوابهم شيئًا نعطيه الأبناء حتى يلحقوا بهم، إنما ألحقناهم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهو عطف على قوله: " {والَّذِينَ آمَنُوا}، معطوف على (حور عين"، والتقدير: والذين آمنوا ألحقنا بهم ذريتهم بسبب إيمانهم. وقال أبو البقاء: {أَلْحَقْنَا بِهِمْ} وهو الخبر، ويجوز أن يكون في موضع نصب على تقدير: وأكرمنا الذين. وكذا عن صاحب "الكشف"، وقال: أزيدًا مررت به؟ أجزت زيدًا؟ والباء في {بِإيمَانٍ} حال، إما من الفاعل أو المفعول أو منهما جميعًا.
وقلت: على أن يكون {الَّذِينَ آمَنُوا} مرفوعًا على الابتداء، تكون الآيات بأسرها معطوفة على جملة: {إنَّ المُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ}، ويكون هؤلاء غير المتقين من عوام المؤمنين، ومن يتصل بهم ليشمل طوائف المؤمنين أجمعين، وعلى تقدير النصب يحتمل أن يكونوا أولئك، كرر ليناط به أمر آخر وهو إلحاق ذرياتهم إلى درجاتهم، كرامة لهم لتقر به أعينهم، وتكون صلة الموصول علة للإلحاق.
قوله: ({ومَا أَلَتْنَاهُم}، ابن كثير: بكسر اللام، والباقون: بفتحها، قال الزجاج: "ما ألتناهم": ما نقصناهم، يقال: ألته يألته ألتًا، ويقال: لاته يليته ليتًا: نقصه وصرفه عن الشيء.

الصفحة 51