كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 15)

بهم على سبيل التفضل. قرئ: {أَلَتْنَاهُم} وهو من بابين: منك ألت يألت، ومن: ألات يليت، كأمات يميت. و (آلتناهم)، من: آلت يؤلت، كآمن يؤمن. و (لتناهم)، من: لات يليت. و (ولتناهم)، من: ولت يلت. ومعناهن واحد.
{كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} أي: مرهون، كأن نفس العبد رهن عند الله بالعمل الصالح الذي هو مطالب به، كما يرهن الرجل عبده بدين عليه، فإن عمل صالحًا فكها وخلصها، وإلا أوبقها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقال ابن جني: قرأ الأعرج: "آلتناهم" على: أفعلناهم، وقرأ عبد الله وأبي: "وما لتناهم"، وابن عباس كان يقول: و"أتناهم": نقصناهم، يقال ألته يألته ألتًا، وقالوا: ولته يلته: إذا صرفه عن شيء يريده، وقالوا: ألته يألته باليمين: إذا غلظ عليه بها، وآلته يؤلته: إذا قلده إياها.
قوله: (فإن عمل صالحًا فكهًا وخلصها وإلا أوبقها)، ونظيره ما رويناه عن مسلم والترمذي عن أبي مالك الأشعري: "كل الناس يغدو؛ فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها".
وفي "مسند أحمد بن حنبل" عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم: قال لكعب بن عجرة: "إنه لا يدخل الجنة لحم نبت من سحت، النار أولى به، يا كعب بن عجرة، الناس غاديان؛ فمبتاع نفسه فمعتقها، وبائع نفسه فموبقها".
الرهن: ما يوضع وثيقة للدين، والرهان مثله، وقد يستعمل الثاني فيما فيه الإخطار، وأصلهما مصدران، يقال رهنت رهنًا، وراهنته رهانًا، فهو رهين ومرهون.

الصفحة 52