كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 15)

{عَاتِيَةٍ} شديدة العصف، والعتو استعارة، أو عتت على عاد، فما قدروا على ردها بحيلة من استتار ببناء، أو لياذ بجبل، أو اختفاء في حفرة، فإنها كانت تنزعهم من مكامنهم وتهلكهم. وقيل: عتت على خزانها، فخرجت بلا كيل ولا وزن.
وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أرسل الله سفينة من ريح إلا بمكيال، ولا قطرة من مطر إلا بمكيال، إلا يوم عاد ويوم نوح؛ فإن الماء يوم نوح طغى على الخزان فلم يكن لهم عليه سبيل"، ثم قرأ {إنَّا لَمَّا طَغَا المَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الجَارِيَةِ} [الحاقة: 11]، "وإن الريح يوم عاد عتت على الخزان فلم يكن لهم عليها سبيل"، ثم قرأ {بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ}،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الطاغية، كما قال: {وأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ}، فقيل للشيء العظيم: عات وعانية، كقوله: {إنَّا لَمَّا طَغَا المَاءُ} ". وهذا أصل عظيم تنبني عليه أكثر المعاني في التنزيل، في أن رعاية النظم أولى بالمصير إليه من ظاهر اللفظ، ومن ثم قال: "وليس بذاك لعدم الطباق".
قوله: (أو عتت على عاد) عطف على "عاتية شديدة العطف"، فعلى الأول: {عَاتِيَةٍ} مطلقة، وعلى الثاني: متعلقها محذوف.
قوله: (سفية من ربح) أي: مرة، من سفت الريح. النهاية: "السافي: الريح التي تسفي التراب، وقيل للتراب الذي تسفيه الريح أيضًا: ساف، أي: مسفي، كماء دافق".

الصفحة 609