كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 15)

المحمل وهو أحد الثلاثة. {فَدُكَّتَا} فدكت الجملتان: جملة الأرضين وجملة الجبال، فضرب بعضها ببعض حتى تندق وترجع كثيبا مهيلا وهباء منثورا، والدلع أبلغ من الدق. وقيل فبسطتا بسطة واحدة، فصارتا أرضا لا ترى فيها عوجا ولا أمتا، من قولك: اندك السنام إذا انفرش، وبعير أدك وناقة دكاء، ومنه: الدكان.
{فَيَوْمَئِذٍ وقَعَتِ الوَاقِعَةُ} فحينئذ نزلت النازلة وهي القيامة {واهِيَةٌ} مسترخية ساقطة القوة جدا بعد ما كانت محكمة مستمسكة، {والْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا} يريد: والخلق الذي يقال له الملك، ورد إليه الضمير مجموعا في قوله: {فَوْقَهُمْ} على المعنى.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
البناء، وإليه الإشارة بقوله: "ورفعت من جهاتها بريح"، وفي الثانية بالتضعيف.
قال ابن جني: "روي عن ابن عامر مشددة الميم، قال ابن مجاهد: ما أدري ما هذا".
وقال ابن جني: "وهو صحيح واضح، وذلك أنه أسند الفعل إلى المفعول الثاني، حتى كأنه في الأصل: وحملنا قدرتنا، أو ملكًا من ملائكتنا، أو نحو ذلك، الأرض. ولو جئت بالمفعول الأول لأسندت الفعل إليه، فقلت: وحملت قدرتنا الأرض، ونحوه قولك: أليست زيدًا الجبة، فلو أقمت المفعول الأول مقام الفاعل، قلت: ألبس زيد الجبة. وإن حذفت المفعول الأول، أقمت الثاني مقامه، فقلت: ألبست الجبة. نعم، ويجوز أيضًا مع استيفاء المفعول الأول، أن يبنى الفعل للمفعول الثاني، فتقول: ألبست الجبة زيدًا، على طريق القلب للاتساع" تم كلامه.
قوله: (والدك أبلغ من الدق)، الراغب: "الدك: الأرض اللينة السهلة، وقد دكه دكا.

الصفحة 616