كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 15)

وقد استحب إيثار الوقف إيثارا لثباتها في المصحف، وقيل: لا بأس بالوصل والإسقاط. وقرأ ابن محيصن بإسكان الياء بغير هاء، وقرأ جماعة بإثبات الهاء في الوصل والوقف جميعا لاتباع المصحف. {ظَنَنتُ}: علمت؛ وإنما أجري الظن مجرى العلم، لأن الظن الغالب يقام مقام العلم في العادات والأحكام، ويقال: أظن ظنا كاليقين أن الأمر كيت وكيت. {رَّاضِيَةٍ} منسوبة إلى الرضا، كالدراع والنابل، والنسبة نسبتان: نسبة بالحرف، ونسبة بالصيغة. أو جعل الفعل لها مجازا وهو لصاحبها {عَالِيَةٍ} مرتفعة المكان في السماء، أو رفيعة الدرجات، أو رفيعة المباني والقصور والأشجار {دَانِيَةٌ} ينالها القاعدة والنائم، يقال لهم {كُلُوا واشْرَبُوا هَنِيئًا}. أو هنئتم هنيئا في المصدر {بِمَا أَسْلَفْتُمْ} بما قدمتم من الأعمال الصالحة {فِي الأَيَّامِ الخَالِيَةِ} الماضية من أيام الدنيا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حذفه، نحو: ضربني وضربت زيدًا. والاختيار أن يقال: ضربني وضربته، لأن التقدير: ضربني زيد وضربته، فالهاء عائدة إلى "زيد"، وهو فاعل الأول، ورتبته التقدم. وأما حذفها، فالمفعول مستغنى عنه، وهذا دليل على إعمال الثاني في قوله تعالى: {آَتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا} [الكهف: 96]، و {هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ}، لأنه لو أعمل الأول، لأضمر المفعول في الثاني لأنه أولى، ولا يليق بفصاحة القرآن ترك الأولى".
قوله: (وقرأ جماعة بإثبات الهاء) وفي "التيسير": "حمزة: "مالي" و"سلطاني"، بحذف الهاءين في الوصل، والباقون: بإثباتهما في الحالين"، وإسكان الياء شاذ.
وقال الزجاج: "الوجه أن يوقف على هذه الهاءات ولا يوصل، لأنها أدخلت للوقف،

الصفحة 622