كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 15)

{فَالَّذِينَ كَفَرُوا} إشارة إليهم، أو أريد بهم كل من كفر بالله {هُمُ المَكِيدُونَ} هم الذين يعود عليهم وبال كيدهم، ويحيق بهم مكرهم. وذلك أنهم قتلوا يوم بدر. أو المغلوبون في الكيد، من كايدته فكدته.
[{وإن يَرَوْا كِسْفًا مِّنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَّرْكُومٌ * فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ * يَوْمَ لا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا ولا هُمْ يُنصَرُونَ * وإنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ ولَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ} 44 - 47]
الكسف: القطعة، وهو جواب قولهم: {أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا} [الإسراء: 92] يريد: أنهم لشدة طغيانهم وعنادهم،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: ({فَالَّذِينَ كَفَرُوا} إشارة إليهم) فيكون من وضع المظهر موضع المضمر للتسجيل على كفرهم، والدلالة على أنه الموجب للدمار، فالتعريف فيه للعهد، وعلى أن يراد بهم كل من كفر للجنس، فقوله: "أو المغلوبون في الكيد"، عطف على قوله: "هم الذين يعود عليهم وبال كيدهم" على طريقة النشر لإرادة أن التعريف إما للعهد أو الجنس.
قوله: (الكسف: القطعة)، الراغب: كسوف الشمس والقمر: استتارهما بعارض، وبه شبه كسوف الوجه والحال، فقيل: هو كاسف الوجه، وكاسف الحال، والكسفة: قطعة من السحاب والقطن، ونحو ذلك من الأجسام المتخلخلة الحائلة، وجمعها كسف. قال تعالى: {أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا} [الإسراء: 92] قال أبو زيد: كسفت الثوب أكسفه كسفًا، قطعته قطعًا.
قوله: (وهو جواب قولهم: {أَوْ تُسْقِطَ})، قال في ذلك المقام: "لما بين إعجاز القرآن وانضمت إليه المعجزات الأخر والبينات، ولزمتهم الحجة وغلبوا, أخذوا يتعللون باقتراح

الصفحة 64