كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 15)

الماء الأسود، وحملها على جناحه، ورفعها إلى السماء ثم قلبها؛ وصاح صيحة بثمود فأصبحوا جاثمين؛ وكان هبوطه على الأنبياء وصعوده في أوحى من رجعة الطرف، ورأى إبليس يكلم عيسى عليه السلام على بعض عقاب الأرض المقدسة، فنفحه بجناحه نفحة فألقاه في أقصى جبل بالهند.
{ذُو مِرَّةٍ}: ذو حصافة في عقله ورأيه، ومتانة في دينه، {فَاسْتَوَى} فاستقام على صورة نفسه الحقيقية دون الصورة التي كان يتمثل بها كلما هبط بالوحي، وكان ينزل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (في أوحى من رجعة الطرف) أي: أسرع.
قوله: ({ذُو مِرَّةٍ}: ذو حصافة في عقله)، الراغب: المرور: المضي والاجتياز بالشيء، قال تعالى: {فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ} [يونس: 12] وأمررت الحبل: إذا فتلته، والمرير والممر: المفتول، ومنه فلان ذو مرة، كأنه محكم الفتل.
وروي عن ابن عباس: {ذُو مِرَّةٍ}: ذو منظر حسن، قال الطبري: هو الصواب، يعني صحة الجسم وسلامته من الآفات، وإذا كان كذلك، كان قويًا، ومنه الحديث: "ولا ذي مرة سوى". وعن سعيد بن المسيب: ذي حكمة، لأن كلام الحكماء متين.
قوله: ({فَاسْتَوَى} فاستقام على صورة نفسه الحقيقية)، عن بعضهم: استوى، أي: ارتفع إلى السماء بعد أن علمه. وعن الحسن: أن الأفق أفق المغرب.

الصفحة 77