كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 15)

في صورة دحية، وذلك: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب أن يراه في صورته التي جبل عليها، فاستوى له في الأفق الأعلى وهو أفق الشمس فملأ الأفق. وقيل: ما رآه أحد من الأنبياء في صورته الحقيقية غير محمد صلى الله عليه وسلم مرتين: مرة في الأرض، ومرة في السماء.
{ثُمَّ دَنَا} من رسول الله صلى الله عليه وسلم {فَتَدَلَّى} فتعلق عليه في الهواء، ومنه: تدلت الثمرة، ودلى رجليه من السرير، والدوالي: الثمر المعلق. قال:
تدلى عليها بين سب وخيطة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال أبو البقاء: {وَهُوَ} مبتدأ، {بِالأُفُقِ} خبره، والجملة حال من فاعل "استوى"، وقيل: هو معطوف على فاعل {فَاسْتَوَى}، وهو ضعيف، إذ لو كان كذلك لقال: استوى هو، وعلى هذا يكون المعنى: فاستويا بالأفق، يعني محمدًا وجبريل صلوات الله عليهما.
قوله: (ما رآه أحد من الأنبياء) الحديث من رواية الترمذي عن مسروق عن عائشة رضي الله عنهما في حديث من أخبر أن محمدًا رأى ربه فقد أعظم الفرية، لكنه رأى جبريل، لم يره في صورته إلا مرتين، مرة عند سدرة المنتهى، ومرة في أجياد له ست مئة جناح قد سد الأفق.
قوله: ({ثُمَّ دَنَا} من رسول الله صلى الله عليه وسلم {فَتَدَلَّى}) فتعلق في الهواء، أي: جبريل على محمد صلوات الله عليهما، يعني أرد الدنو فتدلى.
قوله: (تدلى عليها بين سب وخيطة) أنشد الجوهري، تمامه لأبي ذؤيب:
بجرداء مثل الوكف يكبو غرابها

الصفحة 78