كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 15)

ديارهم صور شياطين مسمَّرة؛ [ليظهر الفرق بينها وبين منازل المسلمين، ] ونهى أن يُستعانَ بهم في الدواوين، وأعمال السلطان التي يجري أحكامهم [فيها] على المسلمين، ونهى أن يتعلَّم أولادُهم [في] كتاتيب المسلمين، وأن لا يعلِّمَهم مسلم، ونهى أنْ يُظهروا في أعيادهم وشعانينهم صليبًا، وأنْ تسوَّى قبورُهم با لأرض؛ لئلَّا تُشَبَّه بقبورِ المسلمين، وكتب [الكتب] إلى [عماله في] الآفاق بذلك [وكان نسخة كتابه.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، أمَّا بعد: فإن الله اصطفى الإسلامَ لنفسه، وارتضاه وأيَّده بأنبيائه، وجعلَهُ مبرَّءًا من الشبهات، معصومًا من الآفات، وأكرمَ أهله بما أحلَّ لهم من حلاله، وحرَّم عليهم من حرامه، وقال الله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيكُمْ نِعْمَتِي} الآية [المائدة: 3] ثمَّ حباهم بأحسنِ الأخلاق، وفضَّلَهم بالفضائلِ والكرامات، وأنعمَ عليهم بالإيمان والأمانة، والفضلِ والتراحم، واليقين والصدق ... وهو كتابٌ طويلٌ، إلى أنْ قال:
وقد رأى أميرُ المؤمنين أنْ تُحمَل أهلُ الذمَّة قاطبةً على كذا وكذا.
وذكر معنى ما ذكرناه.] (¬1) فقال علي بن الجهم: [من السريع]
العَسليَّاتُ التي فرَّقت ... بين ذوي الرِّشْدَة والغَيِّ
وما على العاقلِ أنْ يكثُروا ... فإنَّه أكثرُ للفيِّ (¬2)
وفيها ظهر بسامرَّاء رجلٌ يقال له: محمودُ بن الفرج النيسابوريّ، يَزعمُ أنَّه ذو القرنين، ومعه سبعة عشر رجلًا (¬3) عند خشبة بابك، وكان معه رجل شيخٌ، فشهد [له] أنَّه نبيٌّ يُوحَى إليه، وكان معه كتاب كالمصحف يقرؤونه، فضُرِبَ محمودٌ ضربًا مبرِّحًا، وكذا الشيخ وأصحابه، ومات محمود بعد أيَّامٍ من الضرب وتفرَّقوا (¬4).
وفيها عقدَ المتوكِّلُ البيعةَ لبنيه الثلاثة يوم السبت لثلاثٍ بقين من ذي الحجة، وقسم
¬__________
(¬1) ما بين حاصرتين من (ب). ولم يذكر فيها ما سيأتي من شعر علي بن الجهم.
(¬2) ديوان علي بن الجهم ص 192 (تكملة)، وانظر الخبر في تاريخ الطبري 9/ 171 - 175.
(¬3) المنتظم 11/ 223، وفي تاريخ الطبري 9/ 175، والكامل 7/ 50: سبعة وعشرون رجلًا.
(¬4) بعدها في (ب): وحج بالناس محمد بن داود. فصل: وفيها توفى شريح (كذا) بن يونس. وستأتي ترجمة سُرَيج ص 31.

الصفحة 21