كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 15)
وما بي أنْ تُسقَى البلادُ وإنَّما ... مراديَ أنْ يُسْقَى هناك حبيبُ
ماتَ في ربيع الأول سنة سبع وثلاثين (¬1).
[فصل وفيها توفي]
سُريج (¬2)
بسين مهملة وجيم (¬3)، ابن يونس بن إبراهيم بن الحارث المروذيُّ (¬4)، الزاهد العابد، [صاحب الكرامات، و] كانَ قد جعل على نفسه أنْ لا يغضبَ ولا يشبعَ ولا يسألَ أحدًا حاجةً.
ورأى الحقَّ سبحانه وتعالى في منامه قال: [قال الخطيب بإسناده إلى إسحاق بن إبراهيم الخُتّلي (¬5) قال: سمعتُ الشيخ الصالحَ الصدوقَ سريج بن يونس يقول: ] رأيتُ فيما يَرى النائمُ كأنَّ الناسَ وقوفٌ بين يدي الله تعالى، وأنا في أوَّل صفٍّ، ونحن ننظرُ إلى ربِّ العالمين، فقال سبحانه وتعالى: أيَّ شيءٍ تريدونَ [أن] أصنعَ بكم؟ فسكَتَ الناس، [قال سريج: ] فقلت في نفسي: ويحهم لقد أعطاهم كلَّ ذا من نفسه، وهم سكوت، فقنَّعتُ رأسي بملحفتي، وأبرزت عيناي (¬6)، وجعلتُ أمشي، وجُزتُ الصفَّ الأوَّل بخطَى، فقال: [يا سُريج] أيَّ شيءٍ تريد، فقلت: رحمن سَر بسَر (¬7)، إن أردت أن تعذِّبنَا فلم خلقتنَا، فقال: [قد] خلقتُكم ولا أعذِّبُكم أبدًا، ثم غاب في السماء.
[وهو منامٌ طويلٌ، وفيه أنَّه قال بعد قوله: فذهبَ في السماء: قال: ] ثم رأيتُه بعد
¬__________
(¬1) في تاريخ دمشق ومختصره: مستهلّ ربيع الآخر. سنة سبع وثلاثين ومئتين. وقيل: مات في آخر سنة خمس وثلاثين ومئتين.
(¬2) في (ب): شريح.
(¬3) قوله: بسين مهملة وجيم. ليس في (ب)، وما سلف وسيأتي بين حاصرتين منها.
(¬4) في (خ) و (ف) و (ب): المروزي. وانظر الأنساب 11/ 253، 255.
(¬5) ضبطه بعض العلماء بضم التاء، وبعضهم بفتحها، وأطلقها بعضهم. قال شيخنا محمد نعيم عرقسوسي في تعليقه على توضيح المشتبه 2/ 201: فالظاهر جواز الوجهين.
(¬6) في تاريخ بغداد 10/ 305، والمنتظم 11/ 228: عينًا.
(¬7) في (خ) و (ف): سر، وفي (ب): رحمة سر. والمثبت من تاريخ بغداد 10/ 305. وقوله: سر بسر، يعني: دعنا رأسًا برأس.