كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 15)
فالتقاني رجلٌ فقال: احترقت الحوانيتُ كلُّها إلَّا حانوتك، فقلت: الحمدُ لله حيث سلَّم متاعي، ثم فكَّرتُ فإذا بها خطيئة، حيث أردتُ لنفسي خيرًا دون المسلمين (¬1).
وكان سريٌّ تاجرًا فِي السوق، [فترك التجارة، وسببه أنَّ معروفًا الكرخيّ كان يتردَّدُ عليه فجاءه يومًا يتيمٌ]، (¬2) فقال: اكسه (¬3)، فكساه، فقال له معروف: بغَّضَ الله إليك الدنيا، فقام من السوق، ولزم بيته والعبادة.
[وقال فِي "المناقب": ] لمَّا ترك [سريٌّ] التجارة كانت أختُه تنفقُ عليه من غَزْلها، فأبطأت عليه يومًا، فسألها عن [ذلك] فقالت: ما اشتروا غَزْلي، ذكروا أنَّه مخلوط، فامتنعَ من] طعامها، فدخلت عليه يومًا، فرأت عنده عجوزًا كبيرةً، تكنسُ بيته قد حملت له رغيفين، فحزنت (¬4) وشكَت إلى الإمام أحمد، فعاتبَه على ذلك، فقال: لمَّا امتنعتُ من أكل طعامِها قيَّض الله لي الدنيا فِي صورةِ عجوزٍ تُنفِقُ عليَّ وتخدمُني.
[وذكر فِي "المناقب" عن علي بن الحسين بن حرب قال: ] (¬5) بعثني أبي إلى سريّ [بشيءٍ من حبِّ] السعال؛ لسعالٍ كان به، فقال لي: كم [ثمنه] (¬6)؛ قلت: لم يقل [لي] شيئًا (¬7)، فقال: سلِّم عليه وقل له: نحن نعلِّم الناسَ منذُ خمسين سنةً لا يأكلُوا بأديانهم، فترانا نأكُل اليومَ بديننا، ولم يأخذه (¬8).
وقال الجنيد: كان سريٌّ يدافعُ أوَّل اللَّيل، فإذا غلبَهُ الوجدُ أخذَ فِي البكاء والنَّحيب.
[وحكى ابن باكويه عن سريّ قال: ] (¬9) صليتُ ساعةً فِي الليل ثم جلست لأستريح،
¬__________
(¬1) انظر تاريخ بغداد 10/ 262، ومناقب الأبرار 149.
(¬2) ما بين حاصرتين من (ب). وفي (خ) و (ف): فجاءه معروف الكرخي.
(¬3) فِي (خ) و (ف): اكسني. وانظر مناقب الأبرار 1/ 149.
(¬4) فِي (ب): فخرجت. وانظر الخبر فِي مناقب الأبرار 1/ 153.
(¬5) ما بين حاصرتين من (ب). وفي (خ) و (ف): وقال سهل بن الحسين بن حرب.
(¬6) مكانه بياض فِي (ف). وما بين حاصرتين من (ب).
(¬7) من قوله: بشيء من حب ... إلى هنا. ليس فِي (خ)، ومكانه فيها بياض كتب فوقه: بياض فِي الأصل.
(¬8) مناقب الأبرار 1/ 152، وانظر حلية الأولياء 10/ 117.
(¬9) ما بين حاصرتين من (ب). وفي (خ) و (ف): وقال سري.