كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 15)

تجيءَ معي إلى الوالي، فقام يصلِّي وأطال صلاتَه، فقالت المرأة: الله الله فِي ولدي، فسلَّم وقال: ففي حاجتك أنا، فجاءت امرأةٌ فِي الحال تقول لها: الحقي ابنك فقد أُطلق.
[ثم قال علَّان: اشترى كُرَّ لوزٍ بستين دينارًا. ذكر الحكاية. ثم قال علَّان: وكيف لا يُستجاب دعاء من هذا فعلُه (¬1).
وحكى فِي "المناقب" عن الجنيد قال: ] (¬2) قال لي سريّ: خفيَت عليَّ علَّةٌ ثلاثينَ سنة، وذلك لأنَّا كنَّا جماعةً نبكِّرُ إلى الجمعة، ولنا أماكنُ قد عرفت بنا، فمات [لنا جارٌ] (¬3) يوم الجمعة، فخرجتُ فِي جنازته، وارتفع النهار، وجئتُ إلى الجامع، فلمَّا قربتُ من المكان الَّذي أصلِّي فيه، قالت لي نفسي: الآن يرونَك وقد أصبحت (¬4) وتأخَّرت عن وقتك، [قال: ] فانتبهت، وقلتُ لها: أراك مرائيةً منذ ثلاثين سنة، وأنا لا أدري، فتركتُ ذلك [المكان]، وجعلتُ أصلِّي فِي أماكن مختلفة؛ لئلَّا [أعرف، أو] يُعْرَفَ مكاني، وقضيتُ صلاةَ الجمع لمدَّة ثلاثين سنة.
ذكر طرفٍ مما لقي فِي سياحته:
[وحكى عنه فِي "المناقب"] قال: مررتُ ببعض الجبال، فإذا بجماعةٍ مرضى وزَمْنى وعميان، فقلت: ما تصنعون ها هنا؟ فقالوا: ها هنا رجلٌ صِدِّيق، يخرجُ إلينا فِي كل سنةٍ مرَّةً واحدة، يدعو لنا فنشفى، [قال: ] فأقمتُ حتَّى خرجَ فدعا لهم، فشفوا، فتقدَّمتُ إليه وقلت: أنا مريضٌ، وبي علَّةٌ باطنة، فما دواؤها، وتعلَّقتُ به، فقال: خلِّ عني يا سريّ، فإنَّه غيورٌ، واحذر أن تسَاكنَ غيره فتسقط من عينه (¬5).
[قال: وقال سريٌّ: مررتُ براهبٍ فناديتُه، فأشرفَ عليَّ، فقلت: ما بالكم تعجبكم
¬__________
(¬1) تاريخ بغداد 10/ 262 - 263. وانظر ما سلف.
(¬2) ما بين حاصرتين من (ب). وفي (خ) و (ف): وقال الجنيد.
(¬3) ما بين حاصرتين من (ب). وفي (خ) و (ف): أحدنا. وانظر مناقب الأبرار 1/ 154، وحلية الأولياء 100/ 125.
(¬4) فِي حلية الأولياء: أضحيت.
(¬5) مناقب الأبرار 1/ 156. ومن قوله: فإنَّه غيور ... إلى هنا ليس فِي (ب).

الصفحة 312