كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 15)

بثَّ الصنائعَ في البلاد فأصبحتْ ... تُجبى إليه محامدُ الآفاقِ
وقال معلَّى: دخلتُ على المأمون، فرأيتُه مقبلًا على شيخٍ شديد بياضِ الثياب، حسن اللحية، على رأسه لاطية، فقلت: من هذا؟ قالوا: أبو العتاهية، فقال له المأمون: أنشدني من شعرك، فقال: [من مجزوء الكامل]
أنساكَ محياكَ المماتَا ... فطلبتَ في الأرض الثباتَا
أَوثقِت بالدنيا وأنْـ ... ـتَ ترى جماعتَها شتاتَا
إنَّ الإله يُميتُ من ... أَحْيى ويحيي من أماتَا
يا من رأى أبويه في ... من قد رأى كانا فماتَا (¬1)
وقال: دخلتُ على عبد الله بن طاهر، فدخلَ عليه رجل، فأجلسَه على سريره -وكان يعرفه قديمًا- ثم أنشدَه ابنُ طاهر: [من الوافر]
أميلُ مع الذِّمام (¬2) على ابن عمِّي ... وأحملُ للصديقِ على الشقيقِ
فإن ألفيتني ملكًا عظيمًا ... فإنَّك واجدِي عبدَ (¬3) الصديقِ
أفرِّقُ بين معروفي ومَنِّي ... وأجمعُ بين مالي والحقوقِ
* * *
¬__________
(¬1) تاريخ دمشق 17/ 17 - 18. وأبيات أبي العتاهية في ديوانه ص 74 - 75 دون البيت الثالث.
(¬2) في (خ) و (ف): الدنيا. والمثبت من تاريخ دمشق 17/ 18.
(¬3) في (خ) و (ف): عند. والمثبت من تاريخ دمشق 17/ 18.

الصفحة 361