كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 15)

هذا الشيخ الصالح، فإن كانت له حاجةٌ فاقضها، قال: فأحضرته وقلت: إنَّ الأمير قد أعفاكَ من أمر الضيعة، وهو يعترض حوائجَك، فقال: هذا الفعل وما لي حاجةٌ إليه (¬1).
وقال أحمد بن بُدَيل: بعث إليَّ المعتزُّ، فأتيتُ بابَه، فقال الحاجب: يا شيخ [نعليك] (¬2)، فلم ألتفت، ودخلتُ الباب الثاني، فقال الحاجب: نعلك، فلم ألتفت، ودخلتُ الثالث، فقال الحاجب: نعليك، فقلت: فأنا بالواد المقدس طُوى فأخلع نعلي؟ ! ثمَّ دخلتُ على المعتزّ، فأكرمني وأجلسني على مُصَلَّاة وقال: أتعبناكَ يا أبا جعفر، فقلت: نعم أتعبتني وذعرتني (¬3)، فكيف بك إذا سُئِلت عنِّي؟ فقال: ما أردنا إلا الخير، أردنا أن نسمعَ العلم، فقال: وقلت: وتسمع العلم أيضًا؟ ألا جئتني؟ فإنَّ العلمَ يؤتَى ولا يأتي، فقال: حدِّث، فأمليتُ عليه حديثين أسخنَ الله بهما عينيه، أمَّا الأول فقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من استُرعيَ رعيةً فلم يَحُطْها بالنصيحة، حرَّم الله عليه الجنَّة"، والثاني: "ما من أمير عشرة إلَّا يؤتَى به يوم القيامة مَغْلولًا" (¬4).
سمعَ حَفْصَ بن غياث وغيره، وحدَّث عنه عليُّ بن عيسى الوزير وغيره، وكتبَ عنه أبو حاتم الرازي، وقال: محلُّه الصدق (¬5).

أحمد بن الفرات بن خالد
أبو مسعود الرازيّ الأصفهانيُّ الحافظ، أحدُ الأئمَّة الثقات، ذكره أبو نعيم في الطبقة السابعة وأثنى عليه (¬6).
وقال الخطيب: هو من كبار الأئمة، سافر الكثير؛ إلى البصرة، والكوفة، والحجاز، واليمن، والشام، ومصر، ولقي العلماء، وقدمَ بغداد في أيَّام الإمام أحمد
¬__________
(¬1) كذا، وفي تاريخ بغداد 5/ 83، والمنتظم 12/ 138: قال: هذا الفعل أحفطُ لنعمته، وما لي حاجة إلا إدرار رزقي، فإنّه تأخر منذ شهور، وأضرني ذلك. قال: فأطلقتُ له جَارِيَهُ.
(¬2) ما بين حاصرتين من تاريخ بغداد 5/ 83، والمنتظم 12/ 139.
(¬3) في (خ) و (ف): ودعوتني. والمثبت من المنتظم 12/ 139. وفي تاريخ بغداد 5/ 84: وأذعرتني.
(¬4) تاريخ بغداد 5/ 83 - 84، والمنتظم 12/ 139 - 140، والحديث الأول أخرجه البخاري (7150)، ومسلم (142)، وأحمد (20291) من حديث معقل بن يسار، والحديث الثاني أخرجه أحمد (9573) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(¬5) قوله: محله الصدق. هو من قول عبد الرحمن ابن أبي حاتم. انظر تاريخ بغداد 5/ 81.
(¬6) ذكر أخبار أصبهان 1/ 82. وترجمته لم ترد في (ب).

الصفحة 397