كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 15)
وكان الرجلُ قد أجنبَ في السفر، فتيمَّم وصلَّى، ثمَّ قدمَ فدخلَ المسجد، ولم يعلم أنَّه لا يجوز للجنب أنْ يتيمَّمَ في الحضر (¬1).
[وحكى أيضًا قال: ] اشتهرَ رجلٌ بالولاية، فقال أبو يزيد لبعض أصحابه: قم بنا إليه، فدخلَ الرجلُ المسجدَ وبصق تُجاه القبلة، فرجعَ أبو يزيد وقال لصاحبه: امض بنا، فهذا غيرُ مأمونٍ على أدب من آداب الشريعة، فكيف يكونُ مأمونًا على ما يدَّعيه من الولاية؟ ! (¬2).
[قال: ] وغسلَ يومًا ثوبَه في الصحراء ومعه صاحبٌ له، فقال له صاحبه: علِّقه على حائط الكرم، فقال: ما أذنَ لي صاحبه، فقال: علِّقه على الشجر، قال: تنكسرُ أغصانه فيفسد، فقال: ابسطهُ على الإذخِر، قال: يفسد؛ لأنَّ الله تعالى جعلَه علفًا للدواب، ثمَّ ولَّى أبو يزيد ظهرَه إلى الشمس، وجعل القميصَ على رأسه وظهره، وقلَّبَه حتى جفّ، ثمَّ لبسَه (¬3).
[قال: ] ودخلَ يومًا إلى الجامع، فغرسَ عصاه في الأرض، فوقعت على عُكَّاز شيخٍ إلى جانبه، فوقعَ العكَّاز، فقام الشيخُ فانحنى وأخذَه، فقام أبو يزيد إلى الشيخ وقبَّل رأسَه وحاللَهُ، وقال: إنَّما انحنيتَ وأخذتَ العكَّازَ بسببي (¬4).
[قال: ] وقدمَ شقيقٌ البلخيُّ وأبو تراب النَّخْشَبيّ عليه، وقُدِّمت السُّفرة، وهناك شابٌّ جالس، فقال له أبو يزيد: قم وكل مع الشيوخ، فقال: أنا صائم، فقال له أبو تراب: كل ولك أجر صوم شهر، فأبى، فقال له شقيق: كل ولك أجر صوم سنة، فأبى، فقال لهم أبو يزيد: دعوا من سقطَ (¬5) من عين الله، فأُخِذَ الشاب بعد سنةٍ في تُهَمَة، فقطِعت يده.
[قال: ] وقال عُمر البِسْطامي (¬6): كنَّا قعودًا في مسجد أبي يزيد، فقال: قُوموا بنا
¬__________
(¬1) من قوله: وكان الرجل. . . إلى هنا ليس في (ب). وانظر مناقب الأبرار 1/ 187، وطبقات الصوفية ص 70.
(¬2) مناقب الأبرار 1/ 189، والرسالة القشيرية ص 72 - 73.
(¬3) مناقب الأبرار 1/ 191 - 192.
(¬4) مناقب الأبرار 1/ 192، وانظر الرسالة القشيرية ص 190.
(¬5) في (ب): دعوه فقد سقط وانظر مناقب الأبرار 1/ 194، والرسالة القشيرية ص 499.
(¬6) في مناقب الأبرار 1/ 194، والرسالة القشيرية ص 551: عمي البسطامي.