كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 15)
نستقبل وليًّا من أولياء الله تعالى، فقمنا، وإذا بإبراهيم بن شَيبة الهَرَويّ (¬1) قد أقبل، فقال أبو يزيد: وقع في خاطري أن أستقبلك، وأشفع لك إلى ربِّي، فقال له إبراهيم: لو شفَّعَك في جميع الخلائق لم يكن عجبًا، إنَّما هم قطعة من طين. فتحيَّر أبو يزيد من جوابه.
[ذكر المختار من كلامه:
قال أبو نعيم بإسناده عن إبراهيم الهَرَويِّ يقول: سمعت أبا يزيد يقول: ] غلطتُ في ابتداء أمري في أربعة أشياء؛ توهَّمتُ أنِّي أذكرُه وأعرفُه وأحبُّه وأطلبُه، فلمَّا انتهيتُ رأيتُ ذكرَه سبق ذكري، ومحبَّته سبقت محبَّتي، ومعرفتَه سبقت معرفتي، وطلبَه سبق طلبي (¬2).
[وقال إبراهيم: وسمعته يقول: ] (¬3) عملتُ في المجاهدة ثلاثين سنة، فما وجدتُ شيئًا أشدَّ عليّ من العلم ومتابعته، ولولا اختلاف العلماء لبقيتُ متحيِّرًا، واختلافُهم رحمةٌ إلَّا في تجريدِ التوحيد (¬4).
[قال: ] وسئل [أبو يزيد: ] ما علامةُ العارف؟ فقال: لا يفترُ من ذِكره، ولا يملُّ من حقِّه، ولا يستأنس بغيره.
وقال: إنَّ الله تعالى أمرَ العباد ونهاهم، فأطاعوه، فخلَعَ عليهم من خِلَعه، فاشتغلوا (¬5) بالخلع عنه، وإنِّي لا أريدُ من الله إلا الله تعالى.
[وقد حكينا عن أحمد بن خضرويه أنَّه قال: ] (¬6) رأيتُ ربَّ العزَّةِ في المنام، فقال لي: يا أحمد، كلُّ الناس يطلبون منِّي إلَّا أبا يزيد، فإنَّه يطلبُني (¬7).
وقال: لو صفتْ لي تهليلةٌ ما باليتُ بعدَها بشيء.
¬__________
(¬1) في (خ) و (ف): العدوي. والمثبت من (ب)، ومناقب الأبرار 1/ 194، والرسالة القشيرية ص 551.
(¬2) حلية الأولياء 10/ 34، وانظر مناقب الأبرار 1/ 188.
(¬3) ما بين حاصرتين من (ب). وفي (خ) و (ف): وقال.
(¬4) طبقات الصوفية ص 70، وحلية الأولياء 10/ 36، ومناقب الأبرار 1/ 187 - 188، وصفة الصفوة 4/ 107 - 108.
(¬5) في (ب): فاستغنوا. والمثبت موافق لما في مناقب الأبرار 1/ 188، وصفة الصفوة 4/ 108.
(¬6) ما بين حاصرتين عن (ب). وفي (خ) و (ف): وقال أحمد بن حضرويه.
(¬7) صفة الصفوة 4/ 113.