كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 15)
لم يعلم" (¬1)، فعلمُك من أين؟ ! إنَّما هو نقلٌ من لسانٍ إلى لسان، وعلمي إلهام من الله تعالى ألهمني إيَّاه [فقال] (¬2) الشيخ: علمي من الثقات كابرًا عن كابر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، عن جبريل، عن الله تعالى، فقال أبو يزيد: فهل لله علم لم يطَّلع عليه جبريل ولا المقرَّبون؟ قال: نعم، قال: فتُنْكِرُ (¬3) أن يلهمَ الله أولياءه من ذلك العلم ويلقيه في أسرارِهم حتى ينطقُوا بالحكمة فينفعُوا الأمَّة، ألم تعلم أنَّ الله ألهم أمَّ موسى أنْ صنعت التابوتَ، وألقتهُ في اليمّ، حتى وصلَ إلى فرعون، وجرى ما جرى؟ أمَّا علمتَ أنَّ الله تعالى ألهمَ الخضر أمر السفينة والجدار والغلام وما جرى؟ أمَّا علمتَ أنَّ الله ألهم يوسف في السجن تعبيرَ الرؤيا حتى قال: ذلك مما علَّمني ربِّي، وكمَا ألهمَ أبا بكر - رضي الله عنه - حتى قال لعائشة - رضي الله عنهما -: إنما هما أخواك وأختاك (¬4)، وكما ألهم عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - بأن قال: يا ساريةُ الجبل، فسمعَه سارية، وبينهما مسافةٌ طويلة (¬5)، وذلك إنَّما هو من علم الله الخفيّ، قال الله: {وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا} [الكهف: 65]، فأهلُ الإلهام قومٌ اختصَّهم الله تعالى بالفوائد، وفضَّل بعضَهم على بعض في الإلهام والفراسة، فقال له الشيخ: جزاكَ الله عنِّي خيرًا، فلقد أفدتَنِي علمًا، وشفيتَ صدري (¬6).
عبد الله بن محمد
ابن يزداد، أبو صالح الكاتب المروزيّ.
وزر أبوه للمأمون، ووزرَ هو للمستعين والمهتدي، وكان فاضلًا شاعرًا.
قدم دمشق في صحبة المتوكِّل، ومدحَهُ البحتريُّ وغيره.
¬__________
= قال ابن الجوزي: وفيه يحيى بن يمان، قال أحمد: ليس بحجة في الحديث، وقال أبو داود: يخطئ في الأحاديت ويقلبها.
وأخرجه ابن الجوزي أيضًا في العلل (89) عن أنس مرفوعًا، وقال: وفيه أبو الصلت، وهو كذاب بإجماعهم.
(¬1) أخرجه أبو نعيم في الحلية 10/ 15 من حديث أنس - رضي الله عنه - وضعفه، وانظر الفوائد المجموعة 1/ 286.
(¬2) في (خ) و (ف) بياض استدركته من مناقب الأبرار 1/ 195، وانظر تلبيس إبليس ص 311.
(¬3) في (خ) و (ف): فتذكر. ولعل المثبت هو الصواب.
(¬4) أخرجه مالك في الموطأ 2/ 752. والمقصود منه أنَّه بشَّرها بأختها أم كلثوم وهي ما زالت في بطن أمها.
(¬5) أخرجه البيهقي في دلائل النبوة 6/ 370.
(¬6) مناقب الأبرار 1/ 196 - 197، وانظر كلام ابن الجوزي حول هذا الخبر في تلبيس إبليس ص 311 - 312.