كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 15)
كلامُه، فقيل له [في ذلك: إنك كنت تتكلَّمُ فينتفعُ الناس، فقال: ما أحبُّ أن أتكلم] كلمةً قبل أن أُعِدَّ لها جوابًا لله تعالى، فإذا قال لي يوم القيامة: لم قلت: كذا وكذا قلتُ: يا ربّ، قصدتُ كذا وكذا (¬1).
[ذكر قصة حاتم مع محمد بن مُقَاتل الرازي ومحمد بن عُبيد الطنافسيّ وأهل المدينة
ذكرها ابنُ خميس في كتاب "مناقب الأبرار" عن أبي عبد الله الخواص قال: ] (¬2) دخلت الريّ مع حاتم الأصمّ، ومعه ثلاث مئة وعشرون رجلًا، ونحن نريدُ الحجَّ، وعليهم الصوف والزُرْمَانقات (¬3)، على قدم التجريد، فنزلنا على رجلٍ من التجار متنسِّكٍ يحبُّ الصالحين، فأضافنا تلك الليلة، فلمَّا كان من الغد، قال [الرجل] لحاتم: يا أبا عبد الرحمن، إنِّي أريدُ أن أعودَ القاضي محمد بن مقاتل الرازي، قاضي الريّ وفقيهها، فهو مريض، فقال حاتم: وأنا معك، فعيادةُ المريض عبادةٌ، قال: فجئنا إلى باب داره، وإذا البواب كأنَّه متسلِّطٌ، فبقي حاتم مفكِّرًا يقول: دارُ عالمٍ فقيهٍ تكون على هذه الصفة، ثمَّ أذن فدخلنا، وإذا بفرشٍ وستورٍ معلَّقةٍ وآلة، ثمَّ دخلنا إلى المجلس الَّذي فيه محمد، وإذا بفراشٍ رفيعٍ، وابنُ مقاتلٍ نائمٌ عليه، وحوله [غلمان وقوف في المجلس، فجلس التاجر، وحاتمٌ] قائم، فقال له محمد [بن مقاتل: ] اقعد، قال: لا أقعد، قال: ولم؟ قال: لي مسألةٌ إليك أسألُكَها، فقال: سل، قال: اقعد حتَّى أسألك (¬4)، فأسندوه فقعد، فقال له حاتم: علمك [هذا] من أين جئت به؟ فقال: حدَّثني به الثقات، قال: عمَّن؟ قال: عن الثقات، قلت: إلى من؟ قال إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن جبريل، عن الله عزَّ وجلَّ، قال: فهل سمعتَ فيه أنَّ من كانت دارُه في الدنيا أحسن، وأثاثُه أجمل، وزينتُه أكثر، كانت المنزلةُ له عندَ الله أعظم؟ قال: لا، قال:
¬__________
(¬1) تاريخ بغداد 9/ 153.
(¬2) ما بين حاصرتين من (ب)، ومكانها في (خ) و (ف): وقال أبو عبيد الخواص.
(¬3) في (خ) و (ف): والدرمانقات. والمثبت من (ب)، وانظر مناقب الأبرار 1/ 247، وفي حلية الأولياء 8/ 80: الذرنيانقات، وفي الطبقات السنية 3/ 15: الرزمانقات. والزرمانقة: جبة من صوف. معجم الألفاظ الفارسية ص 78.
(¬4) في (خ) و (ف): أجيبك. وهو خطأ. والمثبت وما بين حاصرتين من (ب).