كتاب مستخرج أبي عوانة ط الجامعة الإسلامية (اسم الجزء: 15)

بيان موافات النبي -صلى الله عليه وسلم- خيبر وصفة محاربتهم ومحاصرتهم وفتحها.
7384 - حدثنا إسحاق بن سيار النصيبي (¬1)، قال: حدثنا أبو معمر (¬2)، قال: حدثنا عبد الوارث (¬3)، قال: حدثنا عبد العزيز بن صهيب (¬4)، قال: حدثنا أنس بن مالك، "أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- غزا خيبر، قال: فصلينا عندها صلاة الغداة بغلس، قال: فركب النبي -صلى الله عليه وسلم-، وركب أبو طلحة (¬5)، وأنا رِدْفٌ لأبي طلحة، فأجرى نبي الله -صلى الله عليه وسلم- في زقاق خيبر، وإنّ ركبتي لتمس فخذ نبي الله -صلى الله عليه وسلم-، وقد انحسر الإزار عن فخذ نبي الله -صلى الله عليه وسلم-، وإني لأرى بياض فخذيه، قال: فلما دخل نبي الله -صلى الله عليه وسلم- القرية قال: الله أكبر، خربت خيبر، إنَّا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين، قال: وقد خرج القوم إلى أعمالهم، فقالوا: محمد! محمدٌ، قال (¬6): وقال بعض أصحابنا: والخميس -والخميس: الجيش-، فأصبناها عنوة، فجُمع السبي، فجاء دِحْية (¬7) فقال: يا رسول الله، أعطني جارية من
-[29]- السبي، فقال: اذهب فخذ جاربة، فأخذ صفية بنت حُيي، فجاء رجل إلى نبي الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله، أعطيت دحية صفية بنت حيي، سيدة قريظة والنضير، ما تصلح إلا لك، قال: ادعوه بها، فجيء بها، فلما نظر إليها نبي الله -صلى الله عليه وسلم-، قال: خذ جارية من السبي غيرها، قال: وإنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- أعتقها وتزوج بها، فقال [له] (¬8) ثابت (¬9): يا أبا حمزة: ما أصدقها؟ قال: نفسها؛ أعتقها وتزوجها، حتى إذا كنا بالطريق جهزتها أم سليم، فأهدتها إليه من الليل، فأصبح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عروسا، وقال: من كان عنده شيء فليجئ به، قال: وبسط نِطْعًا (¬10)، فجعل الرجل يجيء بالأقط، وجعل الرجل يجيء بالتمر، وجعل الرجل يجيء بالسويق، وجعل الرجل يجيء بالسمن، فحاسوا (¬11) حيسا (¬12) فكانت وليمةَ نبي الله -صلى الله عليه وسلم-" (¬13).
¬_________
(¬1) كنيته أبو يعقوب.
(¬2) هو: عبد الله بن عمرو بن أبي الححاج، واسمه: ميسرة، المنِقَري مولاهم المُقْعَد البصري.
(¬3) ابن سعيد بن ذكوان العنبري مولاهم، أبو عبيدة التَّنّوري البصري.
(¬4) عبد العزيز بن صهيب هو موضع الالتقاء مع مسلم.
(¬5) هو زيد بن سهل بن الأسود الأنصاري، صحابي مشهور بكنيته.
(¬6) القائل: "قال بعض أصحابنا" هو: عبد العزيز بن صهيب.
قال ابن حجر في الفتح 2/ 33، "وبعض أصحاب عبد العزيز يُحتمل أن يكون محمد بن سيرين، فقد أخرجه البخاري من طريقه، أو ثابتا البناني، فقد أخرجه مسلم من طريقه".
(¬7) ابن خليفة بن فروة الكلبي.
(¬8) زيادة من (م).
(¬9) ثابت هو البناني، وأبو حمزة: كنية أنس بن مالك، وأم سليم: والدة أنس، أفاده ابن حجر في الفتح: 2/ 34.
(¬10) النِطع: السفرة. انظر مشارق الأنوار: 2/ 11.
(¬11) (م 4/ 104 / أ).
(¬12) الحيس: هو الطعام المتخذ من التمر والأقط والسمن، وقد يجعل عوض الأقط الدقيق أو الفتيت.
انظر النهاية لابن الأثير: 1/ 467، والفتح لابن حجر: 2/ 34.
(¬13) الحديث أخرجه مسلم في صحيحه بنحوه، كتاب النكاح، باب فضيلة إعتاقه أمته ثم يتزوجها: "2/ 1043، حديث 84".
وأخرجه مختصرا، في كتاب الجهاد والسير، باب غزوة خيبر: "3/ 1426، حديث 120". =
-[30]- = وأخرجه البخاري في صحيحه بنحوه، كتاب الصلاة، باب ما يذكر في الفخذ، "1/ 139، حديث 371".
فوائد الاستخراج:
1) تقوية الحديث، ووجهه أن المصنف -رحمه الله- ساق الحديث من طريق عبد الوارث بن سعيد، عن عبد العزيز بن صهيب، وقد ذكر الإمام أحمد بن حنبل أنَّ عبد الوارث من أروى الناس عن عبد العزيز بن صهيب، أي أنه في الطبقة الأولى من أصحابه، بينما ساقه مسلم من طريق إسماعيل بن علية عن عبد العزيز بن صهيب، وهو وإن كان ثقة ثبتا، لكن لم يوصف بأنه أروى الناس عن صهيب. انظر العلل للإمام أحمد: 1/ 399.
2) تصريح عبد العزيز بن صهيب بالتحديث من أنس -رضي الله عنه- في رواية المصنف، بينما روايته عند مسلم بالعنعنة، والتحديث أقوى من صيغة العنعنة، وإن لم يكن ابن صهيب مدلسا. انظر علوم لابن الصلاح الحديث ص 61.

الصفحة 28