كتاب تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن (اسم الجزء: 15)

قُلْتُ: وَحَكَاهُ الثَّعْلَبِيُّ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ وابن السميق. وَقَرَأَ عِيسَى بْنُ عُمَرَ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ:" قَالُوا طَائِركُمْ مَعَكُمْ أَيْنَ ذُكِّرْتُمْ" بِمَعْنَى حَيْثُ. وَقَرَأَ يَزِيدُ بْنُ الْقَعْقَاعِ وَالْحَسَنُ وَطَلْحَةُ" ذُكِرْتُمْ" بِالتَّخْفِيفِ، ذَكَرَ جَمِيعَهُ النَّحَّاسُ. وَذَكَرَ الْمَهْدَوِيُّ عَنْ طَلْحَةَ بن مصرف وعيسى الهمذاني:" آنْ ذُكِّرْتُمْ" بِالْمَدِّ، عَلَى أَنَّ هَمْزَةَ الِاسْتِفْهَامِ دَخَلَتْ عَلَى هَمْزَةٍ مَفْتُوحَةٍ. الْمَاجِشُونُ:" أَنْ ذُكِّرْتُمْ" بِهَمْزَةٍ وَاحِدَةٍ مَفْتُوحَةٍ. فَهَذِهِ تِسْعُ قِرَاءَاتٍ. وَقَرَأَ ابن هرمز" طيركم معك"." أَإِنْ ذُكِّرْتُمْ" أَيْ لَإِنْ وُعِظْتُمْ، وَهُوَ كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ أَيْ إِنْ وُعِظْتُمْ تَطَيَّرْتُمْ. وَقِيلَ: إِنَّمَا تَطَيَّرُوا لَمَّا بَلَغَهُمْ أَنَّ كُلَّ نَبِيٍّ دَعَا قَوْمَهُ فلم يجيب كان عاقبتهم الهلاك. قَالَ قَتَادَةُ: مُسْرِفُونَ فِي تَطَيُّرِكُمْ. يَحْيَى بْنُ سَلَّامٍ: مُسْرِفُونَ فِي كُفْرِكُمْ. وَقَالَ ابْنُ بَحْرٍ: السرف ها هنا الْفَسَادُ وَمَعْنَاهُ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُفْسِدُونَ. وَقِيلَ: مُسْرِفُونَ مُشْرِكُونَ، وَالْإِسْرَافُ مُجَاوَزَةُ الْحَدِّ وَالْمُشْرِكُ يُجَاوِزُ الحد.

[سورة يس (٣٦): الآيات ٢٠ الى ٢٩]
وَجاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعى قالَ يا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (٢٠) اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْئَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ (٢١) وَما لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٢٢) أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ عَنِّي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً وَلا يُنْقِذُونِ (٢٣) إِنِّي إِذاً لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٢٤)
إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ (٢٥) قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قالَ يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (٢٦) بِما غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ (٢٧) وَما أَنْزَلْنا عَلى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّماءِ وَما كُنَّا مُنْزِلِينَ (٢٨) إِنْ كانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً واحِدَةً فَإِذا هُمْ خامِدُونَ (٢٩)
هُوَ حَبِيبُ بْنُ مُرِّيٍّ وَكَانَ نَجَّارًا. وَقِيلَ: إِسْكَافًا. وَقِيلَ: قَصَّارًا. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ ومقاتل: هو حبيب

الصفحة 17