كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 15)

الحجاج في "صحيحه" حديثًا واحدًا في صدر كتابه (¬1). كذا قال:
(عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من أفتى) بفتح الهمزة والتاء، وفي بعض النسخ المعتمدة من ابن ماجة (¬2) بضم الهمزة وكسر التاء، مبني لما لم يسم فاعله، وعلى هذا فالمعنى: من استفتى أحدًا من المفتين فأفتاه (بغير علم) عنده من الكتاب والسنة ونظر في استدلال، بل استحيا أن يقول: لا أدري. حرصًا على رئاسته.
ورواية ابن ماجة: "بغير ثبت" أي: تثبت في فتواه ومراجعه (كان إثمه) ولابن ماجة: "فإنما إثمه" (على من أفتاه) بغير الصواب، لا على المستفتي المقلد، ويحتمل أن الإثم على من أذن له في الفتوى، ويدل على أن ابن ماجة ذكر هذا الحديث عقب حديث: "إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، فإذا لم يبق عالم" [وفي رواية: "إذا لم يُبق عالمًا"] (¬3) "اتخذ الناس رؤوسًا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا" (¬4) وهذا لفظ روايته.
وأما المعنى على الرواية الأولى بفتح الهمزة والتاء فيحتمل أن يقال: معناه: من أفتى الناس بغير علم كان إثمه على من أذن له في الفتوى، ورخص له في ذلك. ومعنى (إثمه على من أفتاه) أي: أجازه
¬__________
(¬1) "الأنساب" 9/ 86 - 87.
(¬2) "سنن ابن ماجة" (53).
(¬3) ما بين المعقوفتين ساقط من (م).
(¬4) "سنن ابن ماجة" (52).

الصفحة 102