كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 15)

حنبل (¬1) وغيره (عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: تسمعون) بفتح التاء وسكون السين (ويسمع) بضم أوله وفتح ثالثه مبني للمجهول (منكم) يشبه أن يكون خبرًا في معنى الأمر، أي: لتسمعوا مني الحديث وتبلغوه عني، وليسمعه من بعدي منكم، وهذا نحو قوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: "تصدق رجل بديناره ودرهمه" (¬2) أي: ليتصدق، جمع عليه ثيابه (¬3). أي: ليجمع. وقوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ - في دعاء المسافر إذا أسحر (¬4): "سمع سامع" (¬5) أي: ليسمع سامع وليبلغ، ويجوز أن يقرأ (تسمِّعون) بتشديد الميم أي: تبلغون ما سمعتم مني، كما روي في "سمع سامع" أن (سمَّع) بفتح السين، والميم المشددة.
قال القاضي: معناه: بلغ مني من سمع قولي (¬6). وكلا الحديثين فيهما دليل على نشر العلم وإظهاره وتبليغه لمن لم يسمعه ولا علمه (ويُسمَع) بضم أوله، وفتح ثالثه مخففا مبني للمجهول (ممن يسمع) بفتح أوله، وسكون ثانيه أي: ويسمع الغير من الذي يسمع منكم حديثي، وكذا من بعدهم يسمع منهم، وهلم جرا؛ ليشتهر العلم ويظهر لمن يسمعه ويعمل به، ومن هذا المعنى: "ليبلغ الشاهد منكم الغائب" (¬7) والحديث الذي
¬__________
(¬1) انظر: "مسائل صالح" (1349)، "الجامع لعلوم الإمام أحمد" 17/ 523.
(¬2) رواه مسلم (1017) من حديث جرير بن عبد الله.
(¬3) رواه البخاري (365) عن عمر.
(¬4) ساقطة من (م).
(¬5) سيأتي برقم (5086) من حديث أبي هريرة.
(¬6) "إكمال المعلم" 8/ 214.
(¬7) رواه البخاري (67)، ومسلم (1679/ 30) من حديث أبي بكرة.

الصفحة 110