و {حَبْلِ الْوَرِيدِ} (¬1) و {حَقُّ الْيَقِينِ} (¬2) وهو كثير، وظاهر الحديث يقتضي أنَّه نزل تحريم الخمر قبل آية البقرة، ولم أجد لها (¬3) أصلًا، فيحتاج إلى تأويل كما تقدم، ويدل على هذا التأويل رواية الترمذي عن عمر أنَّه قال: اللهم بين لنا في الخمر بيان شفاء. فنزلت التي في البقرة: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ} إلى آخره (¬4). فلم يذكر نزولًا قبل آية البقرة.
وقد صرح القرطبي بذلك في تفسير آية المائدة فقال: تحريم الخمر نزل بتدريج ونوازل كثيرة؛ لأنهم كانوا مولعين بشربها، وأول ما نزل في أمرها: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} أي: في تجارتهم. انتهى (¬5).
ثمَّ قال: وقال أبو ميسرة -يعني: عمرو بن شرحبيل الهمداني- نزلت الآية بسبب عمر بن الخطّاب، فإنَّه ذكر للنبي - صلى الله عليه وسلم - عيوب الخمر وما ينزل بالناس من أجلها ودعا الله في تحريمها، وقال: اللهم بين لنا في الخمر بيانًا شافيًا. فنزلت الآية (¬6).
(فنزلت الآية التي في) سورة (البقرة) فيه: دليل على جواز قول القائل: سورة البقرة. وهو الصحيح خلافّا لمن كره ذلك (¬7)، وقال:
¬__________
(¬1) ق: 16.
(¬2) الواقعة: 95.
(¬3) في (ع): لهذا.
(¬4) "سنن الترمذي" (3049).
(¬5) "الجامع لأحكام القرآن" 6/ 286.
(¬6) "الجامع لأحكام القرآن" 6/ 286.
(¬7) انظر: "صحيح البخاري" (1750) ومسلم (1296/ 306)، ففيه ما يدلّ على عدم الكراهة.