كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 15)

سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة - صلى الله عليه وسلم -: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -. يعني لليهود) أي: الذين أتوا النبي (¬1) - صلى الله عليه وسلم - وهو جالس في المسجد في أصحابه، وقالوا: يا أبا القاسم، ما ترى في رجل وامرأة منهم زنيا (أنشدكم) بفتح الهمزة وضم الشين (بالله) أي أسألكم بالله، وأقسم عليكم. وفي الرواية الآتية في الحدود من رواية البراء بن عازب: "ناشدتكم الله" (¬2) (الذي أنزل التوراة) اسم أعجمي على وزن تفعلة من الوري (على موسى) -عليه السلام-، وفي تحليفهم بالتوراة التي يعظمونها ويتوقون أن يحلفوا بها كاذبين دليل على أن من توجهت عليه اليمين يحلف بما يعظمه، ويتوقى الحلف به كاذبا، وفي تحليفهم بها أيضا إشارة وتلويح (¬3) بطلب إيمانهم؛ حيث علموا أن فيها التبشير بمحمد - صلى الله عليه وسلم -، والتصديق برسالته ووصفه فيها، كما أخبر الله تعالى في كتابه بقوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ} (¬4) أي: هدى لقوم موسى وتبيين شريعته، وفيها نور محمد - صلى الله عليه وسلم - الآتي بعده.
وفي الحديث دليل على أن الذمي تغلظ عليه اليمين بالزمان كما تغلظ بالمكان، ولم يختلفوا في الذمي، بل اختلفوا في المسلم، فذهب مالك والشافعي ورواية عن أحمد (¬5) إلى التغليظ بالزمان والمكان إن رأى
¬__________
(¬1) في (م): إلى رسول الله.
(¬2) يأتي برقمي (4447، 4448).
(¬3) في (ل)، (م): وتلويحًا. والمثبت هو الصواب.
(¬4) المائدة: 44.
(¬5) "المدونة" 4/ 54 - 57، و"الأم" 7/ 637، "مسائل أحمد وإسحاق" للكوسج 6/ 616.

الصفحة 16