كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 15)

في الصلوات المفروضة وغيرها، وهذا عام في أمور الدنيا والدين وأجور الآخرة، ويحتمل العجز عن كل الطاعات.
(ولكن عليك بالكيس) بسكون الياء المخففة. أي: الكيس في الأمور، فالكيس يجري مجرى الرفق فيها والفطنة، وفلان [كيس] (¬1) الفعل. أي: حسنه. والكيس: العقل. وفي الحديث: "أي المؤمنين أكيس" (¬2) أي: أعقل. وفي حديث شداد بن أوس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها، وتمنى على الله" (¬3) فالمراد بـ "الكيس" العاقل، ومعنى: "دان نفسه" أي: حاسبها قبل العمل وبعده، فالمعاملة قبل العمل توجب التحذير كما قال تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ} (¬4) فهذا للمستقبل، وكتب عمر إلى أبي موسى الأشعري: حاسب نفسك في الرخاء قبل حساب الشدة (¬5).
(فإذا) حاسبت نفسك على ما تريد أن تفعله، ووزنت أمورك وقدرتها
¬__________
(¬1) ساقطة من (ل)، (م)، والمعنى يقتضيها.
(¬2) رواه ابن ماجه (4259) وغيره من حديث ابن عمر. وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجه" (3435).
(¬3) رواه أحمد 4/ 164، والترمذي (2459)، وابن ماجه (4260) من حديث شداد بن أوس. قال الترمذي: هذا حديث حسن. والحديث ضعفه الألباني في "الضعيفة" (5319).
(¬4) البقرة: 235.
(¬5) رواه ابن أبي الدنيا في "محاسبة النفس" (16)، والبيهقي في "الزهد" (462)، وفي "الشعب" 7/ 66 (1060)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 44/ 321.

الصفحة 23