كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 15)

تدل على أن في رواية المصنف حذف خبر المبتدأ والتقدير: لي الواجد ظلمه.
من الوجد، بضم الواو، بمعنى: السعة والقدرة. والليُّ مصدر لواه غريمه بدينه ليا وليانا إذا مطله، ومنه قول الشاعر:
قد كنتُ دايَنْتُ بها حسَّانَا ... مخافةَ الإِفلاسِ واللّيَّانَا (¬1)
أي: مخافة الإفلاس. والمطل: منع ما يستحقه، مأخوذ من مطلت الحديدة إذا مدللها وطولتها. والظلم: وضع الشيء في غير محله، ومجاوزة الحد، وهو حرام. وأراد بالواجد: القادر على الخروج من الحق، والواجد الذي هو القادر أعم من الغني، فإن الظاهر اختصاص الغنى بالمال، فإن الغني عند الفقهاء من لا تحل له الزكاة على خلاف فيه، والقادر يشمل القادر بالملاءة من المال على العمل كمطل المحترفين، كالصواغ، والنساجين، والنجارين، وغيرهم، فإذا قال الصائغ: غدًا أعمله لك. وهو قادر على العمل وترك عمله دخل في التحريم في هذا الباب.
ولا يدخل في هذا رواية الصحيحين: "مطل الغني" وقد سئلت عن هذا الحديث الذي هو من تعليقات البخاري، فقال في باب لصاحب الحق مقال: ويذكر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لي الواجد يحل عرضه وعقوبته" (¬2)، وقد كتبت عليه بمفرده كراريس فيما يتعلق به من تخريج وإعراب ولغة ومعانٍ، ووجدته يدخل فيه من المسائل الفقهية ما لا
¬__________
(¬1) نسبه سيبويه في "الكتاب" 1/ 191 لرؤبة.
(¬2) "صحيح البخاري" قبل حديث (2401).

الصفحة 27