كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 15)

ينحصر، وحال هذِه الكتابة كانت الكراريس ببيت المقدس، إذ لو كانت حاضرة لكتبت من فوائده هنا.
واعلم أن المطل إنما يحل العرض والعقوبة ويصير ظلما بعد مضي الأجل المذكور، أما قبله فلا، وإنه لا يكون ظلما وحراما إلا على الغني القادر دون غيره، وأن تسمية المماطل ظالما يحل عرضه وعقوبته توجب إسقاط شهادته، وذهب بعض المالكية إلى أنه لا ترد شهادته إلا أن يكون المطل له عادة (¬1). وأن مطل القادر الغني يحتمل أن يشمل ما سبق فيه طلب وما لم يسبق، والأول لا خلاف في تحريمه مع القدرة، وأما الثاني ففيه وجهان عندنا، رجح إمام الحرمين منهما في "النهاية" المنع فقال: ومن كان عليه دين وهو ممتنع من أدائه، ومستحقه غير مطالب به فالدين ثابت، ولكن لا يتعين أداؤه ما لم يطلبه مستحقه (¬2). ورجح ذلك ابن عبد السلام في "القواعد" (¬3).
وتقدير الحديث في الرجل القادر صفة لمحذوف، ففي الحديث دليل عند من يقول بمفهوم الصفة على المعسر لا يحل عرضه ولا يحبس في الدين؛ لأن المعسر غير واجد خلافا لأبي حنيفة وشريح فعندهما يحبس المعدم (¬4).
(يحل) بضم الياء وكسر الحاء، أي: يبيح للمطلوب بدينه (عرضه)
¬__________
(¬1) انظر: "الذخيرة" 9/ 242.
(¬2) "نهاية المطلب" 3/ 103.
(¬3) "قواعد الأحكام في مصالح الأنام" 1/ 250.
(¬4) انظر: "النتف" 2/ 751، و"المبسوط" 20/ 88.

الصفحة 28