كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 15)

وكسر اللام (له) الكلام بعنف ويشدده.
وفيه دليل على جواز ذلك، قال الغزالي: (إن صاحب الحق) (¬1) مهما كلمه من له الحق بكلام خشن فليحتمله، وليقابله باللطف أقتداء برسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ إذ جاءه صاحب الدين عند حلول الأجل، ولم يكن قد اتفق قضاؤه، فجعل الرجل يشدد الكلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فهمَّ به أصحابه فقال: "دعوه" ولفظ البخاري: عن أبي هريرة: أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - رجل يتقاضاه فأغلظ له، فهم به أصحابه، فقال: "دعوه فإن لصاحب الحق مقالا" (¬2) (¬3). وفي البخاري: قال سفيان -يعني: ابن عيينة-: عرضه يقول: مطلتني (¬4). أو يقول: أنت مطلتني بحقي. أو: سوفت بي. أو: أنت ظالم. ونحوه.
والظاهر أن عرض الماطل لا يباح مطلقا، بل يباح بذكر ما وقع منه فيقال: مطلتني، أو ظلمتني على قصد الانتصار، ويقول للحاكم أو للمفتي: هو ظلمني ومطلني بحقي. وكذا إذا ظلمه الحاكم وله بينة، فله أن يقول عند السلطان: ظلمني. أو جار علي. أو أخذ مني رشوة. ونحو ذلك؛ فإن ذكره بشيء من ذلك دون ظلمه كان مغتابا عاصيا (و) معنى يحل (عقوبته) بالنصب [أن الحاكم إذا ادعي إليه وتبين قدرته
¬__________
(¬1) كذا في الأصول، وفي "إحياء علوم الدين" كان جماعة من السلف يستقرضون من غير حاجة لهذا الخبر و.
(¬2) "صحيح البخاري" (2306).
(¬3) "إحياء علوم الدين" 2/ 104.
(¬4) "صحيح البخاري" قبل حديث (2401).

الصفحة 30