كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 15)

عند الحاكم، فإذا ثبت عنده لازم غريمه حيثما ذهب إلى أن يدفع إليه حقه.
فيحمل الحديث على أنه ادعى على غريمه، عند النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولما ثبت له عليه الحق أمره بالملازمة، والذي عليه الجمهور أن الملازمة غير معمول بها، كما أن المدعي إذا قال: لي بينة غائبة. يقول له الحاكم: لك يمينه فإن شئت فاستحلفه، وإن شئت أخره إلى أن تحضر بينتك، وليس لك ملازمته حتى يحضر البينة، ولا مطالبته بكفيل.
والدليل على عدم الملازمة في الصورتين قوله - صلى الله عليه وسلم -: "شاهداك أو يمينه، ليس لك إلا ذلك" (¬1) فدل بمفهوم الحصر على أنه ليس له الملازمة، وعلى قول الجمهور يحمل الحديث على أن معناه: الزم غريمك بمراقبتك له بالنظر من بعد، ذهب أحمد إلى أن المدعي إذا طلب ملازمة غريمه حتى يحضر بينته القريبة؛ لأنه لو لم يتمكن من ملازمته لذهب من مجلس الحاكم، وهذا خلاف البينة البعيدة (¬2).
قال بعض شراح "المنهاج": لا شك أن صاحب الحق إذا اختار ملازمة الغريم ثم استناب فيها أن أجرته على ذي الحق، وإنما التردد ما إذا طلب من الحاكم.
قال الصيمري: لرب الدين ملازمة غريمه بنفسه وبأجيره.
(ثم قال: يا أخا بني تميم) فيه نداء من لا يعرف اسمه باسم قبيلته أو
¬__________
(¬1) رواه البخاري (2669، 2670)، ومسلم (138/ 221) من حديث عبد الله بن مسعود.
(¬2) انظر: "المغني" 14/ 221.

الصفحة 32