كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 15)

وعرف صدق أمارته جاز الدفع إليه، وهل يجب؟ يحتمل أن لا يجب؛ لأن الدفع إليه غير مبرئ لاحتمال أن ينكر (¬1) الموكل أو المحيل أو الآذن، ويحتمل الوجوب؛ لأنه مصدق له في أمارته، كما أنه يجب عليه الدفع إذا كان الطالب وارثا، لكن له الأمتناع من الدفع إليه حتى يشهد عليه بالقبض، لكن إن [كان] (¬2) الوكيل ليست عليه بينة لم يلزم القابض الإشهاد؛ لأن قول الوكيل مقبول ولا ضرر عليه في الدفع.
وفي الحديث دليل على استحباب علامة بين الوكيل وموكله لا يطلع عليها غيرهما؛ ليعتمد الوكيل عليها في الدفع؛ لأنها أسهل من الكتابة إليه، فقد لا يكون الموكل يحسن الكتابة، أو يحسن ولا قرطاسا أو قلما أو دواة أو نحوها، ولأن الخط يشتبه، ولهذا لم يعتمد عليه الشافعي (¬3).
وفيه استحباب العلامة لمن يطلب منه إرسال شيء أو فعل شيء في وقت آخر، كما يفعل بعضهم في ربط خيط في أصبعيه، فإذا رآه بعد في لك تذكر ما يطلب منه، فلعله - صلى الله عليه وسلم - أذن له أن يدفع لمن وضع يده على ترقوته، وخصت الترقوة دون غيرها؛ لأنها موضع هلاك الآدمي بخروج الروح والنحر فيها، وأن الترقوة أول محل ارتفاع العمل الصالح إلى الله تعالى، وأما العمل السيئ فلا يجاوز عمل صاحبه ترقوته كما في الحديث.
¬__________
(¬1) في (م): يتمكن.
(¬2) زيادة يقتضيها السياق.
(¬3) "الأم" 7/ 533.

الصفحة 38