كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 15)

{وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ} (¬1) أي: يدفع. والمراد هنا إذا تدافعتم واختلفتم، بدليل رواية مسلم: "إذا اختلفتم" (¬2) (في طريق فاجعلوه) أي: اجعلوا عرضه (سبع أذرع) وفي رواية لمسلم: "جُعِلَ عَرْضُه سبعة أذرع" (¬3) وهما صحيحان؛ لأن الذراع يذكر ويؤنث، والتأنيث أفصح، وهذا الحديث محمول على أمهات الطريق التي هي ممر عامة الناس بأحمالهم ومواشيهم، فإذا تشاح من له أرض يتصل بها مع من له فيها حق، جعل سبع أذرع بينهما بالذراع المتعارف في ذلك، طريقًا للناس كافة، بخلاف بنيات الطريق، فأما إذا جعل الرجل بعض أرضه المملوكة طريقا مسبلة للمارين فقدرها إلى خيرته، والأفضل توسيعها وليس هذِه الصورة مراد الحديث؛ لأن هذِه لا مدافعة فيها ولا اختلاف، وإذا وجدنا طريقا مسلوكا أكثر من سبعة أذرع فلا يجوز لأحد أن يستولي على شيء منه وإن قل.
قال أصحابنا: ومتى وجدنا جادة مستطرقة ومسلكا مشروعا نافذا حكمنا باستحقاق الاستطراق فيه بظاهر الحال (¬4). وفي الحديث الندب إلى توسعة الطرق السالكة؛ لئلا تضيق على الحمولة دون الأزقة التي لا تنفذ والطرق التي يدخل فيها القوم إلى بيوتهم.
¬__________
(¬1) النور: 8.
(¬2) "صحيح مسلم" (1613).
(¬3) "صحيح مسلم" (1613) وفيه: سبع على التذكير، ولعل ما ذكره المصنف في روايته من مسلم.
(¬4) "شرح مسلم" للنووي 11/ 51.

الصفحة 42