كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 15)

بعد اللامين، حسن الترمذي حديثها (¬1)، وهي مولاة الأنصار (عن أبي صرمة) بكسر الصاد المهملة مالك بن قيس الأنصاري، قال ابن عبد البر: لم يختلفوا في شهوده بدرا وما بعدها (¬2)، كان شاعرا محسنا.
(عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: من ضار) بتشديد الراء أي: ضارر غيره كان ينتقصه شيئا من حقه، أو يأخذ من حقه شيئا أو يدخل عليه الضرر بشيء غير ذلك، فإن الضر ضد النفع، وشمل معناه أن لا يجازي أحدًا على إضراره بإدخال الضرر عليه جزاء فعله.
واختلفوا في الفرق بين الضرر والضرار، فقيل: الضرر فعل الواحد والضرار فعل الاثنين، وقيل: الضرر أن يضره من غير أن ينتفع، والضرار أن يضره ابتداء، وقيل: هما بمعنى واحد. وإنما عقب المصنف هذا الحديث بما قبله؛ لأن من الضرار أن يمنعه من أن يغرز خشبة في جداره، وقد جاء في رواية أحمد عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا ضرر ولا إضرار، وللرجل أن يضع خشبة في جداره، وإذا اختلفتم في الطريق فاجعلوه سبعة أذرع" (¬3).
(أضر الله تعالى به) أي: أوقع الضرر البالغ به في ذلك الوقت أو بعده، وشدد عليه عقابه [في الآخرة (ومن شاق) بتشديد القاف. أي: شاقق أخاه، بأن يدخل عليه ما يشق عليه] (¬4) ابتداء أو مجازاة، أو يحاربه، أو يكثر مخالفته وعناده (شاق الله تعالى عليه) أي: أدخل عليه
¬__________
(¬1) "سنن الترمذي" (1940).
(¬2) "الاستيعاب" 4/ 254.
(¬3) "مسند أحمد" 1/ 313.
(¬4) ما بين المعقوفتين ساقط من (م).

الصفحة 46