كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 15)

الموقوفة على الغزو، وإذا كبرت فلم تصلح للغزو، وأمكن الانتفاع بها في شيء آخر، مثل أن تدور في الرحى أو يحمل عليها تراب، وقد روي عن عمر أنه كتب إلى سعد لما بلغه أنه نقب بيت المال الذي بالكوفة: أن أنقل المسجد الذي بالتمارين، واجعل بيت المال في قبلة المسجد؛ فإنه لن يزال في المسجد مصل (¬1). وكان هذا بمشهد من الصحابة ولم يظهر خلافه، فكان إجماعا، ولأن فيما ذكرنا استبقاء الوقف بمعناه، وعند شدة الضرر الحاصل؛ لكن المناقلة عند الحنابلة إذا تعطلت منفعة الوقف بالكلية، فإن لم تتعطل بالكلية بل قلت، وكان غيره أنفع منه، وأكثر ردا على أهل الوقف لم يجز بيعه عندهم؛ لأن الأصل تحريم البيع وتغيير الوقف، وإنما أبيح للضرورة، وصيانة لمقصود الوقف عن الضياع (¬2).
(قال: فهبه) بفتح الهاء (له) فأبى أن يهبه بعوض، وإنما لم يأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - بالقسمة الحاصلة عند الضرر؛ لتتميز حصة كل واحد منهما على حدته من غير ضرر ولا رد عوض؛ لأن عضد النخل التي لسمرة إذا تميزت لا يمكنه الانتفاع بها مفردة لعلتها، فيحصل بالقسمة ضرر عليه، والقسمة إنما شرعت لإزالة الضرر، وإزالة ضرر [بحصول ضرر] (¬3) أكبر منه لا يجوز، وإن لم تتعطل منفعته بالكلية فتنتقص قيمة نصيبه بالقسمة عن قيمته في حال الشركة، وفي نقص القيمة تضييع مال وضرر بتضييع المال، والضرر منفي شرعا.
¬__________
(¬1) رواه الطبراني في "الكبير" 9/ 192.
(¬2) انظر: "المغني" 8/ 220 بتصرف.
(¬3) ساقطة من (م).

الصفحة 49