كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 15)

المسلمين (¬1). ونسبته النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى هوًى كفر يوجب قتله، لكن تركه النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه كان في أول الإسلام يتألف الناس ويدفع عن أذى المنافقين ويقول: "لا يتحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه" (¬2). قال القرطبي: يحتمل أنه لم يكن منافقا، بل صدر ذلك بادرة نفس، وزلة شيطان، كما اتفق لحاطب بن أبي بلتعة، ومسطح، وحمنة في قصة الإفك، وغيرهم ممن بدرت من لسانه بدرة شيطانية، لكن لطف بهم حتى رجعوا عن الزلة وصحت لهم التوبة (¬3) (خاصم الزبير) بن العوام (في شراج) بكسر الشين المعجمة، وجيم آخره، وهي مسايل الماء إلى النخل والشجر، واحدتها شرجة، وأضافها إلى (الحرة) لكونها فيها، و (الحرة) بفتح الحاء المهملة هي الأرض الملبسة حجارة سوداء (التي يسقون بها) النخل، كذا في الصحيحين (¬4)، والمخاصمة إنما كانت في السقي بالماء الذي يسيل فيها، فكان الزبير يمسك الماء لحاجته، فطلب الأنصاري أن يُسَرِّحه له قبل استيفاء حاجته.
(فقال الأنصاري: سرِّح الماء) أي: أرسله حتى (يمر) إلى أرضي (فأبى عليه الزبير) أن يسرح له الماء ليمر إلى أرضه قبل استيفاء حاجته (فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للزبير: ) على سبيل الصلح (اسق يا زبير ثم أرسل الماء إلى جارك) أي: تساهل في سقيك، وعجل في إرسال الماء إلى
¬__________
(¬1) انظر: "شرح مسلم" للنووي 15/ 108.
(¬2) رواه البخاري (4905)، ومسلم (2584/ 63) من حديث جابر.
(¬3) "المفهم" 6/ 153 - 154.
(¬4) "صحيح البخاري" (2359، 2360)، و"صحيح مسلم" (2357).

الصفحة 52