كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 15)

مكفيّ من الطعام ولا مطعم، بل اللَّه تعالى هو الكافي لكل المخلوقين المطعم لهم، فهو يطعِم ولا يطعَم، ويَكفِي ولا يُكفَى، كما قال تعالى: {وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ} (¬1) وهو مستغنٍ عن كل أحد، وهو الغني الحميد.
قال النووي: ورواه أكثر الرواة بالهمز، وهو فاسد من حيث العربية، سواء كان من الكفاية المعتل أو من كفأت الإناء الهموز، كما لا يقال في مقروء من القراءة مقرأ (¬2) ولا في مرمي بتشديد الياء مرمأ.
قال صاحب "مطالع الأنوار" في تفسير هذا الحديث: المراد بهذا المذكور كله الطعام، وإليه يعود الضمير، فالمكفي الإناء المقلوب للاستغناء عنه، كما قال: غير مستغن عنه (¬3) ولا مردود ولا مقلوب.
وقيل: الضمير في مكفي راجع إلى الحمد، أي: حمدك غير كافٍ، بمعنى أنه لا يكتفى به، بل يحمده مرة بعد أخرى إلى ما لا نهاية له.
وفي رواية للبخاري: "الحمد للَّه الذي كفانا وأروانا غير مكفي ولا مكفور" (¬4)، ومعنى مكفور، أي (¬5): غير مجحودة نعم اللَّه تعالى فيه، بل مشكورة (ولا مودَّع) بفتح الدال المشددة، أي: غير متروك، الطاعة له (¬6)
¬__________
(¬1) الأنعام: 14.
(¬2) ساقطة من (م).
(¬3) "مطالع الأنوار" 3/ 379.
(¬4) "صحيح البخاري" (5459).
(¬5) ساقطة من (م).
(¬6) في (ل)، (م): لك.

الصفحة 524