كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 15)

جارك، يحضه على المسامحة والتيسير (فغضب الأنصاري) ولم يرض بذلك؛ لأنه كان يريد أن الزبير لا يمسك الماء أصلا (فقال: يا رسول الله أإن) بكسر الهمزة الثانية؛ لأنه استفهام على جهة الإنكار. أي: حكمت علي بهذا (كان) أي: لكونه قرابتك و (ابن عمتك) صفية (¬1).
(فتلون وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) غضبا عليه وتألما من كلمته (ثم قال) للزبير (اسق) أرضك إلى أن تستوفي حقك كله (ثم أحبس الماء) وفي رواية (حتى يرجع) "الماء" (إلى الجدر) بفتح الجيم، وسكون الدال، والمراد به أصل الحائط، وقيل: أصول الشجر، والصحيح الأول، وقدره العلماء أن يرتفع الماء في الأرض كلها حتى يبلغ كعب رجل الإنسان، فلصاحب الأرض الأولى التي تلي الماء المباح أن يحبس ويسقي أرضه إلى هذا الحد، ثم يرسله إلى جاره الذي وراءه.
وفي بعض طرق هذا الحديث: "حتى يبلغ الماء إلى الكعبين" قال القرطبي: يعني به: جدران الشربات، فإنها ترفع حتى تكون شبه الجدار (¬2)، فإن قيل: كيف حكم النبي - صلى الله عليه وسلم - للزبير على الأنصاري في حال غضبه مع قوله: "لا يقضي القاضي وهو غضبان" (¬3). كما تقدم؟
فالجواب كما تقدم: أن هذا معلل بما يخاف على القاضي من التشويش المؤدي إلى الغلط في الحكم والخطأ فيه، والنبي - صلى الله عليه وسلم - معصوم من الخطأ في التبليغ، فالمراد بالحديث من يجوز عليه الخطأ
¬__________
(¬1) في (ل)، (م): أسماء، والمثبت هو الصواب.
(¬2) "المفهم" 6/ 155.
(¬3) تقدم برقم (3589) عن أبي بكرة بلفظ: "لا يقضي الحكم بين اثنين وهو غضبان".

الصفحة 53