كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 15)

عنده بسماع العلم والتبرك، كما أنهم يجلسون لذكر الله تعالى، ويحفون مجالسيه إذ هو طلبتهم ورغبتهم.
وقيل: المراد به توقير الملائكة أهل العلم وتعظيمهم كما يوقر أهل الدين والصلاح.
وقيل: معناه أن الملائكة تحمل طلبة العلم بأجنحتها، فيمشي عليها وهي تعينه ليصل إلى مقصوده سريعًا. وعلى هذا فيكون الجناح حقيقة. وقد شك بعضهم في هذا الحديث فطعن فيه وبالغ، حتى إنه استعمل لنعاله مسامير وقال: إن كان يمشي على أجنحة الملائكة فهم يتأذون بالمسامير، فعوقب سريعًا عاجلًا وابتلاه الله تعالى بالعقوبة عاجلا (¬1).
وقيل: المراد به إظلال طلبة العلم بأجنحتها في طرقهم ومجالستهم.
ومنه الحديث الآخر: "تظلهم الطير بأجنحتها" (¬2) وجناح الطير يده (رضا) هو مفعول لأجله. أي: تضع أجنحتها لرضا قلب طالب العلم وتألف خاطره، فإن (لطالب العلم) حرمة عند الله تعالى ومنزلة عظيمة.
(وإن العالم) العامل بعلمه الذي ينتفع بعلمه وينتفع به (ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض) توضحه رواية الترمذي بزيادة ولفظه: "إن
¬__________
(¬1) روى أبو طاهر السلفي في "الطيوريات" 2/ 270 (198) بسنده عن أبي داود السجستاني قال: كان في أصحاب الحديث رجل خليج لما أن سمع بحديث النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن الملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع" فجعل في نعليه حديد مسامير وقال: أريد أن أطأ أجنحة الملائكة فأصابته الأكلة في رجله.
(¬2) لم أجده مسندًا، وأظن المصنف نقله من "النهاية في غريب الحديث والأثر" 1/ 305.

الصفحة 66