كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 15)

الله وملائكته وأهل السماوات والأرض، حتى النملة في جحرها، حتى الحوت ليصلون على معلمي الناس الخير" (¬1) وهذا الاستغفار يعم الحقيقة والمجاز، كما عم: افعلوا الخير. الواجب والمندوب. أي: يدعو لمعلم الناس الخير كل من في السماوات والأرض من ملائكة وإنس وجن وطير ووحش ودابة لوصول نفعه إليهم؛ فإن نفع العلم يعم الجميع بما يدعو الخليقة إليه.
(والحيتان) هذا من عطف الخاص على العام، فإن الحيتان داخلة فيما قبله، وهو على قسمين، فإنه تارة يكون لعطف الأعلى على الأدنى، كقدم الناس والأنبياء وبالعكس، كقَدِمَ الحاجُ حتى المشاة كما هنا، وهذا يستعمل بـ (حتى) في الثاني دون الأول، كما في رواية الترمذي.
رواية عائشة: "معلم الخير يستغفر له كل شيء حتى الحيتان في البحر" (¬2) ولابن ماجة: "حتى الحيتان في الماء" (¬3).
(في جوف الماء) وبمعنى إلهام الحيتان وغيرها من الحيوانات بالاستغفار للعالم، فقيل: إنها خلقت لمصالح العباد ولمنافعهم. والعلماء هم الذين يوصون بالإحسان إليها ونفي الضرر كما في قوله: "وليرح أحدكم ذبيحته" (¬4) ويبينون ما يحل منها وما يحرم، و "إن في
¬__________
(¬1) "سنن الترمذي" (2609) من حديث أبي أمامة الباهلي.
(¬2) رواه البزار كما في "الترغيب والترهيب" للمنذري 1/ 60، وانظر "السلسلة الصحيحة" (3024).
(¬3) "سنن ابن ماجة" (223).
(¬4) تقدم برقم (2815) من حديث شداد بن أوس.

الصفحة 67