كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 15)

(أنه بينما هو جالس عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعنده رجل من اليهود) فيه جواز الجلوس مع أهل الكتاب إن كان فيه مصلحة، ودخوله المسجد إذا أذن له مسلم، ولعله كان جالسا هنا في المسجد (مر) [مبني] (¬1) لما لم يسم فاعله (بجنازة) الأرجح بكسر الجيم: السرير، وبفتحها للميت، الأعلى للأعلى، والأسفل للأسفل، وقيل: الفتح والكسر لغتان.
(فقال: يا محمد، هل تتكلم) بمثناتين من فوق (هذِه الجنازة؛ ) أي: هل يتكلم الميت الذي عليها؟ (فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: الله أعلم) من آداب العالم أنه إذا سئل عما لا يعلمه أن يقول: الله أعلم، فكان علي بن أبي طالب يقول: وابردها على الكبد ثلاث مرات، قالوا: وما ذاك يا أمير المؤمنين؟ قال: أن تسأل الرجل عما لا يعلم فيقول: الله أعلم (¬2).
فيحتمل أن يكون في ذلك الوقت لم ينزل عليه فيه شيء، فلما نزل عليه قال كما في البخاري عن أبي سعيد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا وضعت الجنازة واحتملها الرجال على أعناقهم فإن كانت صالحة قالت: قدموني، وإن كانت غير صالحة قالت: يا ويلها، أين يذهبون بها؟ يسمع صوتها كل شيء إلا الإنسان ولو سمعه لصعق" (¬3)، فهذا الحديث يدل على أن الميت يتكلم على الجنازة. وفي قوله: "يسمع
¬__________
(¬1) زيادة يقتضيها السياق.
(¬2) رواه بنحوه الدارمي في "سننه" 1/ 275 (184)، والبيهقي في "المدخل" (794)، والخطيب في "الفقيه المتفقه" 3/ 255 (1099)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 42/ 150.
(¬3) "صحيح البخاري" (1314).

الصفحة 73