كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 15)

صوتها كل شيء" دليل على أن قوله: "قدموني" و"يا ويلها أين يذهبون بها" حقيقة لا مجاز، وأن الله يحدث النطق في الميت إذا شاء، لكن إنما يتكلم روح الجنازة؛ لأن الجسد لا يتكلم بعد خروج الروح منه إلا أن يرده الله فيه، وإنما يسمع الروح من هو مثله ومجانسه، وهم الملائكة والجن، ويحتمل أنه كان يعلم لكنه لم يرد أن يذكره لليهودي، ويحتمل أنه أراد يعلمهم هذا الأدب في السؤال (قال اليهودي: إنها تتكلم) يحتمل كلامها إن صح "قدموني" كما في الحديث.
(فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم) وخرج البخاري عن أبي هريرة قال: كان أهل الكتاب يقرؤون التوراة بالعبرانية، ويفسرونها بالعربية لأهل الكتاب، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم" (¬1) يعني: لأنهم حرفوا بعضه وكتموا بعضا، قال بعض العلماء: كتموا ما أنزل إليهم في محمد - صلى الله عليه وسلم -، وهذا الحديث أصل في وجوب التوقف في كل مشكل من الأمور والعلوم، فلا يقضى عليه بجواز ولا بطلان ولا تحليل ولا تحريم ولا تصديق ولا تكذيب.
(وقولوا: آمنا بالله ورسوله) فقد أمرنا أن نؤمن بالله فيما أنزل وبرسوله فيما بلغ، ونؤمن بالكتب المنزلة على الأنبياء، إلا أن اليهود والنصارى حرفوا وبدلوا، وسئل بعض المتقدمين عن رجل قيل له: أتؤمن بفلان النبي؟ فسماه باسم لم يعرفه، فلو قال: نعم، فلعله لم يكن نبيا، وإن
¬__________
(¬1) "صحيح البخاري" (4485).

الصفحة 74