كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 15)

كما يحدث عنه أصحابك؟ ) [الذين سمعوا منه كما سمعت منه] (¬1) (فقال: أما) بتخفيف الميم (والله، لقد كان لي منه وجه) أي: حظ ورتبة (ومنزلة) مرتفعة (ولكني سمعته يقول: من كذب علي متعمدًا) قال المنذري: المحفوظ في حديث الزبير بن العوام ليس فيه (متعمدًا) وقد روي عن الزبير أنه قال: والله ما قال (متعمدا) وأنتم تقولون (متعمدا) (¬2)، لكن وقع (متعمدا) في الروايات الصحيحة عن المغيرة وجماعات كثيرة، وفي رواية أنس: "من تعمد عليَّ كذبًا" (¬3) والكذب لغة هو الخبر عن النبي (¬4) - صلى الله عليه وسلم - على خلاف ما هو به، غير أن المحرم شرعا المستقبح عادة هو العمد المقصود إلا ما استثني كالكذب في الصلح وغيره.
وأصل الكذب في الماضي والحلف في المستقبل، وقد جاء الكذب في المستقبل، قال الله تعالى: {ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ} (¬5).
(فليتبوأ مقعده من النار) أي: ليتخذ فيها منزلًا، فإنها مقره ومسكنه، يقال: تبوأت منزلا. أي: اتخذته ونزلته، وبوأت الرجل منزلا: هيأته له. وهذِه صيغة أمر، والمراد بها التهديد والوعيد. وقيل: معناها الدعاء. أي: بوأه الله ذلك، وقيل: معناه: الإخبار بوقوع العذاب به في جهنم.
* * *
¬__________
(¬1) في (ل)، (م): الذين سمعت منه كما سمعوا منه. والمثبت هو الصواب.
(¬2) "مختصر سنن أبي داود" 5/ 248.
(¬3) رواه البخاري (108)، ومسلم (2).
(¬4) كذا بالأصول، ولعلها كانت: الشيء. ثم صحفت، والله أعلم.
(¬5) هود: 65.

الصفحة 85