٥٠٥٨١ - قال يحيى بن سلّام: قوله: {فاجتنبوا الرجس من الأوثان} اجتنبوا الأوثان؛ فإنها رجس (¬١) [٤٤٦٥]. (ز)
{وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (٣٠)}
نزول الآية:
٥٠٥٨٢ - عن مقاتل، عن محمد بن علي، في قوله تعالى: {واجتنبوا قول الزور}، قال: الكذب، وهو الشِّرْك في التَّلبية، وذلك أن الحُمْس -قريش، وخزاعة، وكنانة، وعامر بن صَعْصَعَة- في الجاهلية كانوا يقولون في التلبية: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك، إلا شريكًا هو لك، تملكه وما ملك. يعنون: الملائكة التي تُعبد، هذا هو قول الزور لقولهم: إلا شريكًا هو لك. وكان أهل اليمن في الجاهلية يقولون في التلبية: نحن عَرايا عك عك، إليك عانيَة، عبادك اليمانيَة، كيما نحج الثانيَة، على القِلاص (¬٢) الناجيَة (¬٣). وكانت تميم تقول في إحرامها: لبيك ما نهارنا نجرُه (¬٤)، إدلاجه وبرده وحرُّه، لا يتقي شيئًا ولا يضرُّه، حجًّا لرب مستقيم بِرُّه. وكانت ربيعة تقول: لبيك اللهم حجًّا حقًّا، تَعَبُّدًا ورِقًّا، لم نأتك للمَناحَةِ (¬٥)، ولا حُبًّا للرَباحَة.
---------------
[٤٤٦٥] لم يذكر ابنُ جرير (١٦/ ٥٣٥) في معنى: {فاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثانِ} سوى قول ابن عباس، وابن جريج.
وذكر ابنُ عطية (٦/ ٢٤٣ - ٢٤٤) احتمالين في معنى الآية، فقال: «والكلام يحتمل معنيين: أحدهما: أن تكون {مِن} لبيان الجنس، فيقع نهيه عن رجس الأوثان فقط، وتبقى سائر الأجناس نَهْيُها في غير هذا الموضع. والمعنى الثاني: أن تكون {مِن} لابتداء الغاية، فكأنه نهاهم عن الرجس عامًّا، ثم عيَّن لهم مبدأه الذي منه يلحقهم؛ إذ عبادة الوثن جامعة لكل فساد ورجس».
_________
(¬١) تفسير يحيى بن سلام ١/ ٣٧٠.
(¬٢) القِلاص: جمع قَلُوص، وهي الناقة الشابَّة. النهاية (قلص).
(¬٣) الناجية: المسرعة. النهاية (نجا).
(¬٤) في المصادر التي ضبطت هذه الكلمة: نَجُرُّه، بتشديد الراء، ولم يتبين لنا معناها، ولعلها: نَجْرُه، بتسكين الجيم، وضم الراء دون تشديد؛ يعني: أصله؛ لأن التلبية للشمس، كما في المحبر ص ٣١٢ لابن حبيب البغدادي.
(¬٥) المَناحة والنَّوح: النِّساء يَجْتَمِعْنَ للحُزن. اللسان (نوح).